كتابه هذا ذكر ما ينافي ما أفتى به صريحا كثيرا ، حتّى صرّح جدّي رحمهالله بأنّه بدا له فيما ذكره أوّلا (١).
قلت : وعلى تقدير عدم البداء ، ربّما يذكر الرواية باعتقاد أنّ معناها شيء لا ينافي فتواه ، بل موجّهة بتوجيه ظاهر ، كما هو عادته وعادة الكليني في إيرادهما الروايات الظاهرة في الجبر والتشبيه وغيرهما في أصول الدين وفروعه ، بحيث يجزم بأنّ مرادهما ليس ما هو ظاهرها ، لكونه خلاف الإجماع ، وخلاف رأي الشيعة ، وغير ذلك.
ولذلك ما نسب إليه وإلى الكليني شيء ممّا ذكر في مقام نقل المذاهب ، بل في المقام المذكور يدّعون إجماع الشيعة ، وربّما لا يدّعون ، لكن نعلم أنّ المذهب خلافه.
ومن ذلك إيرادهما الأخبار الكثيرة المتضمّنة للأمر بدعاء أو قراءة ، أو ذكر في التعقيب ، أو في يوم عرفة ، أو يوم عيد .. وأمثالهما ممّا لا يحصى كثرة ، بل غالب المستحبّات التي لا حدّ لها بلفظ الأمر ، أو لفظ «عليه» أو أمثالهما من العبارات التي هي مع قطع النظر عن القرينة تكون ظاهرة في الوجوب ، من دون قرينة في ذلك الحديث على خلافه أو غيره من الأحاديث.
وما ذكرنا في غاية الكثرة بلا شبهة ، ومن هذا ما نسب أحد من فقهائنا ، واحدا منهما إلى مخالفة سائر الفقهاء في إيجابهم المسح وما ادّعوا عليه الإجماع بلا شبهة.
بل نحن ذكرنا عن «أمالي الصدوق» كثيرا أنّه جعل من دين الإماميّة الإقرار بكذا وكذا (٢).
__________________
(١) روضة المتّقين : ١ / ١٧ ـ ٢٢.
(٢) أمالي الصدوق رحمهالله : ٥٠٩ و ٥٢٠.