ومن ذلك يعلم مذاهبهم وفتاويهم ، وقلّ أن يذكروا شيئا بطريق الفتوى (١) ، انتهى.
أقول : لا شكّ في أنّ ما ذكره الصدوق كان صريحا في فتواه فكيف يقول : من ذلك يعلم فتواهم؟ وكيف يقول : وقلّ أن يذكروا شيئا؟. إلى آخره ، مع أنّ «الفقيه» مشحون من فتاويه ، سلّمنا ، لكن المقام من جملة الأقل بلا شبهة.
وقوله : (وقد روي) .. إلى آخره ، لا يدلّ على أنّه رجع بهذه السرعة عن فتواه ، إذ هذا الكلام متّصل بفتواه ، والحكم بالرجوع بالكلام المتّصل ، فيه ما فيه.
وبالجملة ؛ تصريحه بالفتوى ـ ثمّ ذكر رواية نسبت إلى الصادق عليهالسلام ـ صريح في أنّ وثوقه واطمينانه بما أفتى به ، وأنّ في هذه الرواية المنسوبة متأمّل في الجملة البتة ، إمّا في الوثوق بكونها منه عليهالسلام ، أو في الوثوق بالاكتفاء بما يظهر منها ، إذ إثبات غسل ما حوله لا ينفي ما عداه بلا شبهة ، كما عرفت سابقا.
أو يحتمل عنده أنّها في موضع لا يتيسّر مسحها .. إلى غير ذلك ، ولا يدلّ على حكمه بالتخيير بوجه من وجوه.
وفي بعض المقامات ـ بعد نقل الرواية المخالفة لما أفتى به ـ يصرّح بأنّي ذكرت هذه الرواية مع عدولي عنها ، ليعلم الناظر أنّها من رواها؟ وكيف رواها؟ (٢) إلى غير ذلك.
مع أنّ عادة المصنّفين من القدماء أنّهم يروون الروايات التي لا يقولون بها ، وليست حجّة كما صرّحوا.
وفي «الفقيه» وإن قال في أوّله : لم أقصد في هذا الكتاب قصد المصنّفين في كتبهم في إيرادهم جميع ما رووه ، بل لا اورد إلّا ما افتي به (٣) ، إلّا أنّه بعد ما دخل في
__________________
(١) ذخيرة المعاد : ٣٧.
(٢) لاحظ! من لا يحضره الفقيه : ٢ / ٨٩ ذيل الحديث ٣٩٧.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٣.