صرّحوا به ، بل ادّعى الإجماع غير واحد منهم (١) ، كما عرفت.
وبالجملة ؛ لا شبهة في أنّهم جعلوا العجز عن استعمال الماء شرطا ، والمشروط لا يتحقّق بدون الشرط بالبديهة ، وليس الشرط العجز عن استعمال غير اولي الأعذار.
كيف؟ والوضوء غير منحصر في وضوء غير صاحب العذر ، فإن أقطع الرجل ، وأقطع بعض العضو ، ومن لا يتمكّن من مسح بشرة الرجل ، فيمسح على الخفّين ، للبرد أو التقيّة ، ومن لا يتمكّن من المسح ببقيّة الماء ، إلى غير ذلك ، يجب عليهم الوضوء خاصّة كصاحب الجبيرة ، فلا معنى في الاستشكال في خصوص القروح والجروح ، لا سيّما إذا كانت الجبيرة في موضع التيمم ، ولا يمكن نزعها والمسح على البشرة.
وتأمّل صاحب «الذخيرة» في هذه الدعوى مدّعيا أنّ ظاهر الصدوق التخيير بين المسح والاكتفاء بغسل ما حولها ، حيث قال في «الفقيه» : من كان في الموضع الذي يجب عليه الوضوء قرحة أو جراحة ، ولم يؤذه حلّها فليحلّها وليغسلها ، وإن أضرّ به حلّها ، فليمسح يده على الجبائر والقروح ، ولا يحلّها ولا يعبث بجراحته (٢) ، وقد روي في الجبائر عن الصادق عليهالسلام أنّه قال : «يغسل ما حولها» (٣).
ثمّ قال : بل لا يبعد أنّ الكليني أيضا جوّز الاكتفاء بغسل ما حولها ، لأنّه روى ما يدلّ عليه (٤) ، إذ قاعدة القدماء العمل بما يوردونه في كتبهم من الأخبار ،
__________________
(١) المعتبر : ١ / ١٦١ ، تذكرة الفقهاء : ١ / ٢٠٧ ، مدارك الأحكام : ١ / ٢٣٧ ، ذخيرة المعاد : ٣٧.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٩ ذيل الحديث ٩٣ مع اختلاف يسير.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٩ الحديث ٩٤ ، وسائل الشيعة ١ / ٤٦٤ الحديث ١٢٣٠.
(٤) الكافي : ٣ / ٣٢ الحديث ٢ و ٣.