وهذا غير ما منعه الفقهاء ، فإنّ الممنوع إنّما هو فيما يتوقّف عليه التعيين. والتعيين إنّما يجب فيما إذا لم يكن معيّنا ويحتمل التعدّد.
وأمّا إذا لم يحتمل التعدّد أصلا ، فقصد النعيين يتحقّق بنفس قصد ذلك الفعل ، فلا مانع من الترديد في الوجوب والندب وغيرهما ، لعدم المدخلية (١) في التعيين ، مثلا غسل الجمعة معيّن قطعا إلّا أنّه لا يدري أنّه واجب أو مستحب.
وهذا غير مضرّ لتحقّق التعيين اللازم ، فلا بأس إذا لم يعيّن. بل مع العلم بالاستحباب أيضا لا يجب قصده للتعيّن بل يجب قطعا لو كان قصد الوجه لازما.
ولو ردّد في النيّة في وجوبه أو ندبه ـ إذا لم يعلمهما ـ لا يضرّ أيضا ، بل هو أولى من الترك وأحوط ، لأنّ «لكلّ امرئ ما نوى» (٢) ، ولعموم الدليل الثاني الذي ذكره القائل بوجوب قصد الوجه (٣) ، فحيث لا يمكن التعيين يكتفي بالترديد ، فتأمّل!
وأمّا إذا لم يكن معيّنا عنده نفس المطلوبيّة ، بأنّه يحتمل وجوبه وندبه (٤) وإباحته. وأمثال ذلك ، فينوي الفعل احتياطا ، لأنّ الاحتياط مطلوب الشارع ، كما حقّق في محلّه.
وكذا إذا كان الفعل من باب المقدّمة لتحقّق الامتثال ينوي كذلك ، فإنّه احتياط واجب شرعا.
الحادي عشر : لو توضّأ بنيّة الاستحباب باعتقاد عدم دخول الوقت وكان الوقت داخلا ، أو كان عليه مشروط به ولا يعلمه ، أو بنيّة الوجوب باعتقاد دخول
__________________
(١) في (ك) : مدخليته.
(٢) أمالي الطوسي : ٦١٨ الحديث ١٢٧٤ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٨ الحديث ٩٢.
(٣) ذكرى الشيعة : ٢ / ١٠٧ ، روض الجنان : ٢٨ ، مدارك الأحكام : ١ / ١٨٨ ، ذخيرة المعاد : ٢٣.
(٤) لم ترد في (ز ١ ، ٣) و (د ١ ، ٢) و (ف) و (ط) : وندبه.