وبالاستقراء في الكلّ ، ربّما يحصل القطع بأنّهم ما أوجبوا على المكلّفين قصد التعيين في الوجوب والندب في أمثال المقام.
وحمل الجميع على حصول المعرفة للمكلّفين في التعيين قبل وقت الحاجة ، وصار الخفاء على القدماء والمتأخّرين من الفقهاء بذهاب المعرف في الكلّ مستبعد جدّا ، سيّما مع ملاحظة أصل العدم ، وكون المقام ممّا يعم به البلوى ويكثر لديه الحاجة ويشتدّ الاحتياج غاية الشدّة ، والموارد من جهة الكثرة صارت بحيث لا تحصى ، كما لا يخفى.
ومع ذلك يعدّ في العرف ممتثلا على خلاف التكليفين المتعدّدين.
ولو صدق الامتثال فيهما عرفا لصحّا أيضا ، وفيه إشكال فتأمّل ، لكن الاحتياط ظاهر.
العاشر : من جهة وجوب قصد التعيين لا يرضى الفقهاء بالترديد في النيّة لمنافاته للتعيين ، وغير المعيّن لا يتحقّق به الامتثال ، هذا فيما حصل المعرفة بالتعيين.
وأمّا إذا لم يحصل ، إمّا للتردّد في المسألة ، أو لأنّه ذهب عن باله التعيين ، أو لأنّه ليس بمجتهد ولا مقلّد ، فلا يجب قصد التعيين أو التشخيص في الوجوب أو الاستحباب ، أو القضاء أو الأداء ، أو أنّه ظهر أو عصر أو أمثال ذلك ، لكونه تكليفا بما لا يطاق.
نعم ؛ يجب قصدها في الذمّة إذا كان معيّنا واقعا معلوما عنده وأنّه كذلك ، فإنّ هذا قصد التعيين قطعا.
ويجوز الترديد أيضا بأنّه إن كان واجبا في الواقع فيكون هذا واجبا ، وإن كان مستحبا يكون مستحبا.
وقس عليهما غيرهما ، وهذا الترديد غير مضرّ قطعا ، بل أولى من تركه بالنظر إلى الأدلّة لو لم نقل بوجوبه.