التكليفين المستقلّين ـ مثل فريضة الظهر والعصر ، أو القضاء مع الأداء من الظهر ، أو الفريضة والنافلة من صلاة الفجر ـ واضح.
وأمّا إذا كان الواجب والمندوب أجزاء فعل واحد واجب أو ندب ، مثل الصلاة والوضوء أو غيرهما ، ممّا يتركّب من الواجب والمندوب من الأجزاء ، فهل يجب قصد الوجوب في الواجب من الأجزاء ، والمندوب في المندوب منها أم لا؟
ظاهر جمع من الفقهاء ذلك ، لدخوله في عموم كلامهم ، وصريح كلام بعض المتأخّرين عدم الوجوب (١) ، لصدور الأمر بفعل المجموع من الشرع من دون أمر بقصد تشخيص ، مثلا أمروا بالتكبيرات السبعة وبالقراءة وبذكر الركوع والسجود وبالتشهّد وبالسلام وبالتكبير في كلّ حركة فيها بانتقال من فعل إلى فعل ، وبرفع اليد فيه ، والقنوت من دون التعرّض لما ذكر.
مع أنّ كلّ واحد ممّا ذكر مركّب من واجب ومستحب قطعا ووفاقا ، أو صارت معركة للآراء ، أو نفس وجوبه وندبه صار كذلك.
ولو كانوا أمروا بما ذكر لارتفع الإشكال والنزاع قطعا ، فلو كان الواجب قصد الوجوب والاستحباب في القراءة الواجبة والمستحبّة لكانوا أمروا في قراءة السورة ـ مثلا ـ بوجوب قصد الاستحباب لو كانت مستحبّة ، أو الوجوب لو كانت واجبة ، ولم يصل ذلك في خبر أصلا ، ولذا وقع النزاع.
وكذلك الحال في ذكر الركوع والسجود ، حيث قالوا : سبّح كذا وكذا ، وفي التشهّد قالوا : تشهّد كذا وكذا ، وفي السلام قالوا : كذا وكذا .. إلى غير ذلك من أجزاء العبادات التي صارت معركة للآراء في الوجوب والاستحباب ، والقدر الواجب منها.
__________________
(١) المعتبر : ١ / ١٣٩ ، ذخيرة المعاد : ٢٥.