وإنّما قلنا : الأحوط كذا ، لما يظهر من بعض الأخبار (١) ، بل الأحوط في الوضوء والغسل والتيمم أيضا كذلك ، بل كلّ عبادة خروجا عن الخلاف ، لكن لا بحيث يورث الوسواس أو الضيق أو التعب ، بل الضيق والتعب والعناية كلّها في إخلاص العمل عن الشوائب وعمّا يراد منه سوى الله تعالى وسوى رضاه وسوى امتثاله وسوى إرادته تعالى ، وأمثال ما ذكر ، جعلنا الله وإيّاكم من المخلصين له الدين آمين ربّ العالمين.
وهذا التحقيق ليس مختصّا بالوضوء ، بل جميع ما اعتبر فيه النيّة يكون فيه الأمر كذلك ، كما عرفت.
ويرد عليهم أيضا أنّه إن كان المانع من اعتبار الاستدامة الفعلية تحقّق الحرج ، فالحقّ ما قاله الشهيد (٢) من اعتبار استدامة الإحضار والإخطار بعنوان الإجمال متى استشعر ولم يكن ذاهلا ، لا في جميع الأحوال ، لأنّ الضرورات تتقدّر بقدرها ، لكنّه خلاف الاحتياط ، لأنّه يورث التشويش ، وخلاف ما عليه المعظم.
قوله : (واختلفوا). إلى آخره.
اختلف علماؤنا في كيفيّة النيّة بعد اتّفاقهم على اشتراط قصد التعيين فيها ، والكون لله تعالى.
فقيل باكتفاء قصد الفعل المعيّن قربة إلى الله تعالى ، وهو مذهب المفيد والشيخ والمحقّق في بعض كتبهم (٣) ، واختاره علماؤنا المتأخّرون عن المتأخّرين (٤).
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام : ٢ / ١١٧ ، وسائل الشيعة : ٦ / ٢٩ الحديث ٧٢٦٠.
(٢) البيان : ٤٣ ، ذكرى الشيعة : ٢ / ١١٠.
(٣) المقنعة : ٤٦ ، النهاية للشيخ الطوسي : ١٥ ، المعتبر : ١ / ١٣٩.
(٤) منهم السبزواري في كفاية الأحكام : ٢.