الفعل لاستحبابه قربة إلى الله ، أو إطاعة لله ، أو لأجل الثواب والجنّة ، أو لغفران الذنب ، وأمثال ذلك ، مثل نجاته من النار ، وأمثال ما ذكر.
وكذلك الحال في سفرنا إلى الحج أو الزيارة وأمثالهما لا يخطر ببالنا في كلّ حركة رجل لنا ، أو لدابّتنا ، أو لسفينتنا أنّه لأجل الحجّ الواجب ، أو المستحب ، وأنّه لإطاعة الله وأمثال ما ذكر.
وكذلك الحال بالنسبة إلى أفعالنا غير العبادات ، مثل البنّاء من الصبح إلى الليل مشغول بالحركة وتنضيد اللبن والطين والجصّ وغير ذلك ، من غير أن يخطر بباله في كلّ لبنة لبنة أنّه لأجل بناء بيت ، أو جدار ، أو مسجد ، أو خان ، أو غير ذلك ، لأجل أخذ كذا وكذا من الاجرة. إلى غير ذلك.
وجميع ما ذكر واضح لا سترة فيه ، بل لا شكّ في أنّ انحناءنا للركوع ـ مثلا ـ فعل اختياري يصدر الآن منّا ، وكلّ فعل اختياري محال صدوره من المختار بغير شعور وإرادة وقصد غاية ، من غير فرق أصلا بين جعله جزء عبادة أم لا ، فإنّ جعله جزء عبادة لا يخرجه عن كونه فعلا اختياريّا صادرا باختيارنا.
فظهر ممّا ذكرنا ظهورا تامّا أنّ كلّ جزء جزء من حركات الصلاة وسكناتها لا يمكن خلوّها عن قصد التعيين وقصد الغاية التي هي القربة أو الإطاعة ، أو ما زاد عنها أيضا مثل الوجوب أو الاستباحة في الطهارة وغير ذلك ، فلازم ذلك الاستدامة الفعلية في النيّة لا الحكميّة ، وتحقيق المقارنة في كلّ جزء جزء ، لا خصوص الجزء الأوّل ، أو أوّل الجزء في أيّ عبادة.
لكن الأحوط في الصلاة إخطار النيّة بالبال في أوّلها مقارنة بالمقارنة العرفيّة ، لا الحقيقيّة المحالة الموجبة لإيقاع العوام والصلحاء ـ بل غالب الصلحاء ـ في الوسواس.