والاستنشاق (١).
ومنع صاحب «البشرى» (٢) من ذلك مطلقا ، وأوجب التأخير إلى أوّل الأفعال الواجبة نظرا إلى عدم دخول ما تقدّم في مسمّى الوضوء أو الغسل حقيقة.
وأيّده بعضهم بأنّه كيف ينوي الوجوب ويقارن بما ليس بواجب ، ويجعله داخلا فيه؟ ولهذا لم يجوز تقديمها ومقارنتها لسائر المندوبات مثل السواك والتسمية إجماعا (٣).
وحيث عرفت أنّ اشتراط المقارنة واعتبار الاستدامة الحكمية ، وما ذكر من النزاع في تجويز التقديم وعدمه ، وقدر التقديم هنا كلّها مبنيّة على جعل النيّة المشترطة هي المخطر بالبال ، ظهر لك أنّ النيّة عند هذه الجماعة أيضا ليست إلّا الداعي ، وأنّ هذه الامور مبنيّة على كون النيّة هي العلّة الغائيّة والقصد الباعث ، إلّا أنّهم اعتقدوا انحصار ذلك في المخطر بالبال.
والداعي على جعلها المخطر بالبال ـ على ما أظن ـ حصرهم القوّة المدركة الباطنة المؤثرة في حدوث الأشياء والعلّة الغائيّة الموجدة لها في المخطر وما هو مدّ النظر ، ولو لم تكن عندهم كذلك لا يصدر منها شيء ، لعدم وجودها في الذهن ، والمعدوم لا يؤثّر قطعا ، وكذلك لو كانت موجودة في الذهن إلّا أنّها في الحافظة ، لأنّ الساهي والناسي لتلك الصورة والغافل عن العلّة الغائيّة كيف يصدر عنه معلولها المتوقّف عليها؟ إذ هذا فاسد بالبديهة فلا جرم لا بدّ أن تكون موجودة ملحوظة حتّى تؤثر وتحرّك وتوجد.
__________________
(١) السرائر : ١ / ٩٨.
(٢) نقله البحراني في الحدائق الناضرة : ٢ / ١٨٤.
(٣) لاحظ! الحدائق الناضرة : ٢ / ١٨٤.