من الحركات والسكنات وغيرها ، ولا يجتمعان معا.
فلا جرم اختاروا المقارنة والاستدامة الحكميّة ، لأنّ النيّة علّة غائيّة ، ولأنّ الباء في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إنّما الأعمال بالنيّات» (١) ، وغيره للتلبّس كما هو ظاهر ، ولأنّ (مُخْلِصِينَ) في قوله تعالى (فَادْعُوا اللهَ) (٢) حال يبيّن هيئة الفاعل ، فحيث لا يجتمعان غالبا عادة ، ولا معنى للتأخّر لكونها علّة غائيّة فلا بدّ من التقدّم والاتّصال بأوّل جزء ، ويسمّى هذا مقارنة ، وظهر وجه اشتراطهم إيّاها.
وأمّا الاستدامة الحكميّة ؛ فلما عرفت من استحالة الفعليّة عادة ، مع كون النيّة شرطا لمجموع العبادة ، والشرط للمجموع شرط للأجزاء ، فلا جرم اكتفوا بالاستدامة الحكميّة للأجزاء ، ومعنى الاستدامة الحكميّة أن لا يقصد خلاف ما قصد أوّلا.
ولا يخفى ما فيهما من العناية والخروج عن مقتضى الأدلّة ، لما عرفت وستعرف أيضا.
ثمّ بعد اعتبار المقارنة لأوّل الجزء وقع الخلاف بينهم في الوضوء والغسل في بيان مقام المقارنة.
فالمشهور بينهم جواز تقديم النيّة في الوضوء والغسل عند غسل اليدين المستحب ، بل حكم العلّامة في «المنتهى» وغيره بالاستحباب (٣).
وجوّزه ابن إدريس في الغسل دون الوضوء ، فخصّ الجواز فيه بالمضمضة
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٨٣ الحديث ٢١٨ ، وسائل الشيعة : ١ / ٤٨ الحديث ٨٩.
(٢) المؤمن (٤٠) : ١٤.
(٣) منتهى المطلب : ٢ / ١٥ و ١٩٣ ، تذكرة الفقهاء : ١ / ١٤١ و ٢٢٩ و ٢٣٠ ، لاحظ! مفتاح الكرامة : ٢ / ٢٨٥ ، ٣ / ٣٤.