سلّمنا الدلالة على الفور ، لكنّها من جهة التعليق على قوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ) (١) ، ولا شكّ في أنّه إذا قام إلى فعل الصلاة وصارت في شرف التحقّق ، حتّى صدق حينئذ أنّه فعل الصلاة ، فلا بدّ من تحقّق الوضوء تماما قبل الدخول في فعلها ، وليس هذا إلّا بالفور في نفس الوضوء وجميع أجزائه ، فحال الأجزاء حينئذ حال نفس الدخول والمباشرة ، وهذا لا يقتضي الفوريّة مطلقا.
على أنّا نقول : إذا تعذّر الحقيقة فأقرب المجازات متعيّن إجماعا ، وهو الذي اقتضته الأدلّة ، فيلزم من ذلك وجوب الفور الحقيقي لا المتابعة العرفيّة عند استحالة فعل الجميع دفعة.
سلّمنا ؛ لكن أقربية المجاز بملاحظة ما ذكر وسنذكر ليست بأولى من الحمل على ما قاله المحقّقون.
مع أنّ قوله تعالى (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً) (٢) عطف على ما هو الظاهر ، وقد مرّ ، ولا شكّ في عدم اعتبار الموالاة في الغسل مطلقا.
وأمّا قوله عليهالسلام : «فإنّ الوضوء لا يبعّض» تعليل للإعادة في صورة الجفاف الذي جعله العلّامة شرطا للإعادة.
فظهر أنّ المراد من التبعيض كون بعضه جافّا مطلقا ، ويشرع في الإتمام ، كما عليه المعظم.
مع أنّه لو كان كذلك ، لزم أن يكون في حال الاضطرار أيضا يراعى المتابعة العرفيّة ، ولم يقل به المستدلّ ولا غيره ، لما عرفت من الإجماع على أنّ الاضطرار يكون المعتبر فيه الجفاف.
وأمّا قوله عليهالسلام : «أتبع وضوءك بعضه بعضا» ؛ فالمراد منه الترتيب ، كما لا
__________________
(١) المائدة (٥) : ٦.
(٢) المائدة (٥) : ٦.