وأمّا استثناء البنيان من الحرمة أو الكراهة أيضا عند البعض على حسب ما عرفت (١) ؛ فلصحيحة محمّد بن إسماعيل بن بزيع قال : دخلت على أبي الحسن الرضا عليهالسلام وفي منزله كنيف مستقبل القبلة (٢).
وفيه ؛ أنّه لا شكّ ولا شبهة في أمرهم : بتعظيم القبلة واحترامها ، ومن ذلك رواية محمّد بن إسماعيل المذكورة ، عن الرضا عليهالسلام : «من بال حذاء القبلة ثمّ ذكر فانحرف عنها إجلالا للقبلة وتعظيما لها لم يقم من مقعده حتّى يغفر له» (٣).
وفي «المحاسن» روى ذلك بسنده عن الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم (٤).
وبالجملة ؛ حثّوا عظيما وأكّدوا وشدّدوا في مقامات كثيرة ، فضلا عن المقام ، مثل نهيهم لبس السراويل ، والجماع (٥) ـ مع كونهما من أكيد المستحبات ـ ورمي النخامة ووجودها في طرف القبلة حتّى أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في الصلاة ، لمّا رأى ذلك مشى إليها وحكّها ، ثمّ رجع قهقرى (٦).
وورد في حال الاستنجاء أيضا ما سنذكر ، إلى غير ذلك من مواضع كثيرة.
وفي المقام ورد منهم مناهي متعدّدة ، قد عرفت جمعا منها ، ومع جميع ذلك ، كيف كانوا يأمرون الناس بالبرّ وينسون أنفسهم؟ ويقولون ما لا يفعلون! العياذ بالله من تجويزهما عليهم ، بل هم أولى ثمّ أولى بمراتب شتّى ، وهم الذين ورد عنهم التشنيعات الشديدة والتخويفات الهائلة في من يأمر بالبرّ وينسى نفسه ، ويقول ما
__________________
(١) راجع! الصفحة : ٢٢٥ و ٢٢٦ من هذا الكتاب.
(٢) تهذيب الأحكام : ١ / ٣٥٢ الحديث ١٠٤٣ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٠٣ الحديث ٧٩٦.
(٣) مرّ آنفا.
(٤) المحاسن : ١ / ١٢٦ الحديث ١٤٤.
(٥) وسائل الشيعة : ٤ / ٣١٩ الحديث ٥٢٦٣ ، ٥ / ١٠٩ الحديث ٦٠٦٣.
(٦) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٠ الحديث ٨٤٩ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٢٩٢ الحديث ٩٣٧٧.