وحسنة ابن مسلم السابقتين (١) ، وهما صريحتان في أنّ منشأ طلب الاستبراء هو عدم لزوم الطهارة لو خرج البلل.
ولا شكّ في أنّ هذا لا يصير منشأ للوجوب الشرعي بل هو منشأ للوجوب الشرطي مع أنّ كون لفظ الوجوب في كلامه ظاهرا في الشرعي محلّ تأمّل عرفت وجهه.
مع أنّ إبطال العمل حرام ، فلو لم يستبرئ لاحتمل مجيء الرطوبة ، بل الراجح ذلك عادة ، فيجب صونا للعمل عن البطلان كالصلاة اختيارا في السفينة وما لا قرار فيه ظنّا عادة.
بل احتمال المجيء عقيب العمل مضرّ أيضا على القول بأنّها ليست حدثا جديدا ، فيلزم إعادة الصلاة وبطلان العبادات المشروطة بالطهارة ، وإن كان الحقّ أنّها حدث جديد ، كما سيجيء.
مع أنّ الصون المذكور وصوله حدّ الوجوب يحتاج إلى التأمّل ، وتمام التحقيق سيجيء في ذلك المبحث.
ويشهد على ما ذكرنا ما مرّ في مبحث الغسل عن ابن زهرة من ادّعائه الإجماع على وجوب الاستبراء (٢).
وغير خفي أنّ الوجوب الشرعي ليس مذهب الأكثر ، بل ولا مذهب جمع ، بل ولا مذهب متعدّد ، بل إن كان فمذهب شخص واحد على ما صرّح العلّامة [به] (٣).
__________________
(١) راجع! الصفحة : ٢٠٩ من هذا الكتاب.
(٢) غنية النزوع : ٣٦.
(٣) مختلف الشيعة : ١ / ٢٧١ و ٢٧٢.