مع أنّا رأينا ، إمّا وجوب الوضوء ، أو كونه احتياطا ، بحيث نجعل العمل عليه كالمصنّف ومن وافقه.
والفقهاء مع القطع بكون مذهبهم الوجوب ، لا يذكرون في كتبهم إلّا كذلك ، مثلا يقولون : هل يجوز وطء الحائض قبل الغسل أم لا؟ وأنّها إذا طهرت اغتسلت ، وإذا انقضى أيّام عادتها اغتسلت. إلى غير ذلك ممّا لا يحصى ، وكذا نحن أيضا وسائر الناس لا نعبّر في أمثال المقام المذكور إلّا لفظ «الغسل» خاصّة.
والمدار ليس إلّا على ذلك ، وذلك لأنّ المقام متفاوت ، مقام ذكر وجوب الغسل للصلاة أو الوطء أو عدم وجوبه للوطء وأمثال ذلك ، غير مقام أنّ الغسل ما ذا؟ وشرائطه ما هي؟ وأنّه يحتاج إلى وضوء أم لا؟ وأنّه يجب له أم لا؟. إلى غير ذلك من أمثال المقام ، ومنها رفع الخبث.
بل الحقّ أنّ النيّة شرط في الوضوء والغسل وسائر العبادات ، ولم يذكر في مقام من مقامات وجوب عبادة أو استحبابها أو مطلوبيّتها أنّه لا بدّ من نيّة ، وقس على النيّة غيرها ممّا هو شرط في عبادة أو معاملة ، أنّه لا يذكر في مثل المقام الأوّل شيء منها في شيء منهما في الأخبار وفتاوى الفقهاء ، وطريقة محاورة المسلمين في الأعصار والأمصار.
مع أنّه معلوم أنّ الشيعة إلى زمان الصادقين عليهماالسلام كانوا على طريقة أهل السنّة ، فإنّ الصادقين عليهماالسلام أبلغاهم الأحكام على حسب ما هو الحقّ ، وهم ما كانوا يسألون عن جميع الأحكام ، بل كانوا يسألون عن شيء اشكل عليهم.
والأئمّة عليهمالسلام أيضا ما كانوا يبلغون الحكم من أصله وفرعه ، بل ما كانوا يبلغون إلّا ما هو من الفروع والمتعلّقات للأحكام ، وهم إلى زمانهما عليهماالسلام كانوا يتوضّئون مع كلّ غسل ، والأئمّة عليهمالسلام منعوهم عن الوضوء مع غسل الجنابة