الجدل ، ومراعاة المناسبات العقليّة التي ليست بمعتبرة عندنا في الشرع ، فلا نسلّم جواز الاحتجاج ، سيّما في مقابل الأدلّة الشرعيّة التي عرفتها وعرفت تماميّتها ، فكيف يغلب مثل ذلك على تلك الأدلّة؟
ويمكن أن يجعل المقام ؛ مقام برهان ، وذلك لأنّ الطهارة هنا ليست معناها سوى رفع الحدث.
وعرفت أن لا معنى للحدث هنا إلّا الحالة المانعة ، وأنّ المانع ليس إلّا منع الشارع عن الصلاة مثلا بتلك الحالة ، ورفع تلك الحالة التي تسمّى طهارة ليس إلّا تجويز الشارع مثل الصلاة عنده.
ومعلوم أنّ الله تعالى قال في القرآن (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) (١) الآية ، فظهر منه أنّ الوضوء طهارة وطهور ، إذ ظاهره أنّ بعد ذلك الوضوء يجوز الصلاة جزما ، ولا مانع منها البتّة.
وقال بعد ذلك (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) ، فظهر منه أيضا أنّ الاطّهار الذي هو الاغتسال قطعا وإجماعا ووفاقا ، طهارة أيضا وطهور.
فمن هذا يقول المعصوم عليهالسلام : «أيّ وضوء أطهر من الغسل؟» (٢) ، إذ كما رتّب جواز الصلاة على الوضوء في قوله تعالى ، كذا ترتّب على غسل الجنابة أيضا من دون تفاوت وتأمّل أصلا.
فمن أيّ جهة تقول العامة بطهارة الوضوء ، وعدم طهارة غسل الجنابة؟ فيوجبون معه الوضوء لأجل فعل الصلاة ، ولا يجوّزونه بغير وضوء (٣).
__________________
(١) المائدة (٥) : ٦.
(٢) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٤٤ الحديث ٢٠٥٥.
(٣) انظر! المغني لابن قدامة : ١ / ١٣٨.