التي أشرنا إليه ، فكان الغسل من جهتها كأنّه منحصر في غسل الجنابة.
وما قال في «المدارك» لإثبات العموم من قوله : إذ لا خصوصيّة لغسل الجنابة في هذا الوصف بالنسبة إلى غيره من الأغسال (١) ؛ إن أراد عدم الخصوصيّة بحسب الشرع فمصادرة ، سيّما مع ما عرفت ممّا ذكرنا للمشهور ، وخصوصا ما ذكرنا عن «الفقيه» و «الأمالي» و «الفقه الرضوي» (٢).
وإن أراد بحسب طهارة الجسد ونظافته ؛ ففيه أنّه يلزم أن يكون غسل جميع الجسد في رفع الأحداث الصغار أولى من الوضوء مطلقا ، وفيه ما فيه.
فظهر أنّ الوصف غير ما ذكر ، أو أنّه جدل بالنسبة إلى من يعمل بأمثال العلل المذكورة والمناسبات العقليّة ، كما هو طريقة العامّة ، إذ المعصوم عليهالسلام في هذا الحديث في مقام الردّ على العامة في إيجابهم الوضوء مع كلّ واحد من الأغسال ، التي من جملتها غسل الجنابة.
ومعلوم أنّ قوله عليهالسلام : «وأيّ وضوء؟» (٣). إلى آخره ردّ عليهم في جعلهم الوضوء أطهر من الغسل ، مع كون طريقتهم مراعاة المناسبات والاستحسانات ، وجعلهم الوضوء أطهر منه من جهة أنّ الوضوء في الأحداث الصغار لا يتوقّف تطهيره على الغسل ، بخلاف الغسل فإنّه يتوقّف تطهيره على وجود الوضوء معه في مقام تطهيره ، فإذا كان المقام جدلا ، فلا يمكن جعله حجّة واقعيّة ، ولا يناسبه التقييد بالجنابة ، لعدم مناسبته الجدل ، كما هو ظاهر.
لكن على هذا لا يبقى وثوق بالاحتجاج ، لما ظهر من كون المقام ؛ مقام
__________________
(١) مدارك الأحكام : ١ / ٣٦٠.
(٢) راجع! الصفحة : ١١٤ و ١١٥ من هذا الكتاب.
(٣) وسائل الشيعة : ٢ / ٢٤٤ الحديث ٢٠٥٥.