ما عرفت.
والبناء على أنّ المراد من الغسل كلّ غسل ورد من الشرع الأمر به وجوبا أو استحبابا ، كما ذكره في «المدارك» (١) ، وإن لم يكن مخالفا ، لما ذكره خصوص السيّد رحمهالله ، لكنّه مخالف للآية والأخبار وطريقة المسلمين في الأعصار والأمصار ، وفتاوى معظم الأخيار من المتقدّمين والمتأخّرين ، بل كلّهم ، سوى واحد ، فإنّ مخالفة مثل هذه الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا ليست أمرا حسنا ، بل لا بدّ من الاحتراز عنها مهما تيسّر ، كما لا يخفى على الفطن.
ولذا ترى صاحب «المدارك» ، ومن وافقه في الطريقة ـ وإن بالغ في ردّ أدلّة المشهور ، وتصحيح أدلّة غير المشهور ـ يقول : مخالفة المشهور أمر مشكل (٢) ، وأمثال هذه العبارة ، فيتوقّف أو يميل إلى المشهور ، أو يميل إلى غير المشهور في العمل ، وإن مال إليه في الفتوى أيضا يكون متردّدا متأمّلا البتّة ، والمعصوم عليهالسلام قال ـ في المشتهر بين الأصحاب ـ : «لا ريب فيه» (٣) فتأمّل!
ويرد على القول بالاستغراق جميع المفاسد التي أوردنا على كون المراد الطبيعة ، إلّا أن يقال : خرج ما خرج ، وبقي الباقي.
لكن يصحّ هذا إذا كان الباقي أكثر ، ولا بدّ من التأمّل فيه ، مع أنّ الاستغراق معنى مجازي للفظ «الغسل» لا يصار إليه إلّا بقرينة معيّنة له ، وهي استواء جميع الأفراد بحيث لم يتحقّق رجحان لبعضها أصلا.
وكون الأمر فيما نحن فيه كذلك محلّ تأمّل ؛ لأنّ غسل الجنابة أغلب
__________________
(١) مدارك الأحكام : ١ / ٣٥٨ و ٣٦١.
(٢) لاحظ! مدارك الأحكام : ١ / ٣٦١ ، ذخيرة المعاد : ٤٩ ، مشارق الشموس : ٦٩.
(٣) الكافي : ١ / ٦٨ الحديث ١٠ ، وسائل الشيعة : ٢٧ / ١٠٦ الحديث ٣٣٣٣٤ مع اختلاف يسير.