لكن يرد عليه : أنّه يلزمه أنّ كلّ حدث أصغر يصدر عن المكلّف يكون مخيّرا في رفعه بالوضوء والغسل إن شاء توضّأ وإن شاء اغتسل ، بل يكون الغسل أطهر لذلك الحدث الأصغر وأنقى ، فيكون الأولى اختيار الغسل على الوضوء دائما.
فعلى هذا يلزم أيضا أنّ المكلّف لو احتاج إلى التيمّم يكون مخيّرا بين جعله بدلا من الوضوء أو الغسل ، وجعله بدلا عن الغسل أولى.
وكذا ما ورد في الأخبار من أنّ الوضوءات المستحبّة لأمور كثيرة ـ مثل طلب الحوائج ، وزيارة القبور وغيرهما (١) ـ يكون الأمر فيها على التخيير بين الوضوء والغسل.
بل ما ورد من أنّ الوضوء على الوضوء نور على نور (٢). إلى غير ذلك.
فعلى هذا يرد عليه أنّه خلاف الإجماع والأخبار الدالّة على انحصار الموجبيّة في الوضوء في الأحداث الصغار ، وخلاف طريقة جميع المسلمين في الأعصار والأمصار ، وخلاف ظاهر القرآن حيث قال تعالى (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا) الآية ، ولم يقل : أنتم مخيّرون بين الوضوء والغسل ، بل الغسل أطهر ، وقال بعد ذلك (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا) (٣) الآية.
والمراد الاغتسال فقط ، كما هو ظاهر ، وسيجيء التصريح بذلك عن المعصوم عليهالسلام ، فمفهوم الشرط : إن لم تكونوا جنبا فليس الواجب الاغتسال فقط ، كما هو ظاهر.
ففي الآية وجوه من الدلالة على ردّ مذهب السيّد ومستنده على حسب
__________________
(١) لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ٣٧٤ الباب ٦ ، ٣٧٨ الباب ٩ من أبواب الوضوء ، تنبيه : لم نعثر على مستند في استحباب الوضوء لزيارة القبور ، لاحظ! كشف اللثام : ١ / ١٢٢ ، الحدائق الناضرة : ٢ / ١٤٥.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٦ الحديث ٨٢ ، وسائل الشيعة : ٢ / ٣٧٧ الحديث ٩٩٧.
(٣) المائدة (٥) : ٦.