والصدوق ذكر في أماليه : إنّ من دين الإماميّة الإقرار بأنّه لا ينقض الوضوء إلّا ما خرج من الطرفين ، من بول أو غائط أو ريح أو مني ، والنوم الغالب على الحاسّتين السمع والبصر ، ومزيل العقل (١).
ومنه يظهر عدم الخلاف منه ولا من والده ظهورا تامّا ؛ لأنّ أباه من الإماميّة ومن رؤسائهم عند الكلّ ، فضلا عن الصدوق ، سيّما بعد ملاحظة حاله بالنسبة إلى أبيه ورسالته إليه وأنّها ممّا يحكم بصحّته وكونه حجّة بينه وبين ربّه ، إلى غير ذلك ممّا يظهر من «الفقيه» وغيره من تصانيفه.
ولا شكّ في أنّه أعرف بمذهب أبيه من غيره ، فإنّ أهل البيت أدرى بما في البيت ، فما نقل عن أبيه من أنّه لم يعدّ النوم من نواقض الوضوء إن صحّ ، فلا بدّ من التأويل بأنّ مراده عدم كون النوم في نفسه ناقضا ، بل من جهة كون الريح يخرج منه على سبيل الغلبة عليه ، كما مرّ عن «علل» الفضل وغيره (٢) ، ولذا قيّد الناقض منه بكونه مزيل العقل والسمع ، كما مرّ.
ومرّ أيضا أنّه لا مانع من كونه ناقضا من جهة ما ذكر ، فيصحّ أن يقال : هو من النواقض ، وإن كان ناقضيّته شرعا من الجهة المذكورة.
ويصحّ أيضا أن يقال : هو في نفسه وحقيقته ليس من النواقض ، وإلّا لم يعلّل بما علّل ولم يقيّد بما قيّد ، وإن كان المكلّف متى نام إلى أن ذهب عقله يجب عليه الوضوء البتة بحكم الشرع ، وإن كان حكمه من جهة العلّة المذكورة ومع القيد المذكور.
على أنّك عرفت أنّ السكر والجنون والإغماء ناقضيّتها إجماعيّة عند الفقهاء
__________________
(١) أمالي الصدوق : ٥١٤.
(٢) راجع! الصفحة : ١٠٣ من هذا الكتاب.