بل ربّما يجعل محض الشكّ مبرءا للذمّة ، كما في كثير الشكّ وغيره ، وما ذكر في «العلل» هو علّة كون النوم من النواقض شرعا ، كما لا يخفى ، فلا يقال : الظاهر منه عدم كون النوم ناقضا ، بل الناقض الحدث المحتمل ؛ لأنّ هذا المذكور علّة لحكم الشرع ، وحكم الشرع هو كون النوم ناقضا ، كما هو منطوق هذه الرواية ، وغيرها من الروايات.
ولا مانع من أمثال ما ذكر من هذا التعليل ، سيّما بعد ما ذكر من الإجماعات وغيرها ؛ لأنّ الحكم الشرعي بأمثال ما ذكر من «العلل» متعارف شائع الورود حسما لمادّة الفساد ، كما في حرمة الخمر ، وأمثالها من الأحكام.
مع أنّ شغل الذمّة بالصلاة ـ مثلا ـ يقيني ، وحصول البراءة مقصور على البناء على الناقضيّة وإعادة الوضوء وعدم إعادته ، والبناء على الوضوء السابق والاكتفاء به ـ مع ما عرفت من الإجماعات وغيرها ـ فيه ما فيه.
ثمّ اعلم! أنّه اورد على صحيحة إسحاق المذكورة إشكال ، وهو أنّ المقدّمة الاولى مشتملة على قضيّتين مختلفتين كيفا :
إحداهما : لا ينقض الوضوء ما ليس بحدث.
والثانية : الناقض للوضوء حدث ، وانتظام السالبة مع الكبرى لا ينتج شيئا ، لعدم اتّحاد الوسط ، وكذا الموجبة ، لأنّ الموجبتين في الشكل الثاني عقيم (١).
وفي «المختلف» أجاب بأنّ كلّ واحد من الأحداث فيه جهتا اشتراك وامتياز ، وما به الاشتراك طبيعة الحدث ، وما به الامتياز مشخصات تلك الأفراد ، ولا شكّ أنّها ليست أحداثا ، وإلّا لكان ما به الاشتراك داخلا فيما به الامتياز ، فلا بدّ من مائز آخر ، وننقل الكلام إليه ، وهكذا فيتسلسل ، وإذا لم يكن أحداثا ، لم يكن
__________________
(١) مدارك الأحكام : ١ / ١٤٧.