اليتيم وأحق بالإحسان إليه ، وقد عنى الأوروبيون بجمع اللقطاء وتربيتهم وتعليمهم ، ولو لا ذلك لاستطار شرهم ، وعمّ ضرّهم ، وقد كنا أحق بهذا الإحسان منهم ، لأن الله قد جعل فى أموالنا حقا معلوما للسائل والمحروم.
(وَما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) أي وأحسنوا إلى ما ملكت أيمانكم من عبيدكم وإمائكم ويشمل هذا تحريرهم وعتقهم وهو أتم الإحسان وأكمله ، ومساعدتهم على شراء أنفسهم دفعة واحدة أو نجوما وأقساطا ، وحسن معاملتهم فى الخدمة بألا يكلفوا ما لا يطيقون ولا يؤذون بقول ولا بفعل ، وقد روى الشيخان قوله صلى الله عليه وسلم «هم إخوانكم وخولكم ، جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبهم ، فإن كلفتموهم فأعينوهم عليه».
وقد أكد النبي صلى الله عليه وسلم الوصية بهم فى مرض موته ، وكان ذلك من آخر وصاياه ، فقد روى أحمد والبيهقي من حديث أنس قال : كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت «الصلاة وما ملكت أيمانكم».
وقد أوصانا سبحانه بهؤلاء حتى لا يظن أن استرقاقهم يجيز امتهانهم ويجعلهم كالحيوانات المسخرة.
ثم ذكر ما هو علة للأمر السابق فقال :
(إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً) المختال : المتكبر الذي تظهر آثار الكبر فى حركاته وأعماله ، والفخور : المتكبر الذي تظهر آثار الكبر فى أقواله ، فتجده يذكر ما يرى أنه ممتاز به عن الناس زهوا بنفسه ، واحتقارا لغيره.
والمختال الفخور مبغوض عند الله ، لأنه احتقر جميع الحقوق التي أوجبها للناس وأوجبها لنفسه من الشعور بعظمته وكبريائه ، فهو كالجاحد لصفات الألوهية التي لا تليق إلا لها.
فالمختال لا يقوم بعبادة ربه حق القيام ، لأن العبادة لا تكون إلا عن خشوع للقلب ، ومن خشع قلبه خشعت جوارحه ، ولا يقوم بحقوق الوالدين ولا ذوى القربى ،