وروى المجلسي رحمه الله قال :
حكى السيد علي الحسيني قال : كنت مجاوراً في مشهد علي بن موسى الرضا عليهالسلام مع جماعة من المؤمنين فلما كان يوم العاشر من المحرم عقدنا مأتماً للحسين عليهالسلام فابتدأ رجل منا يقرأ مقتل الحسين عليهالسلام فقرأ رواية عن الباقر عليهالسلام إنه قال : «من ذرفت عيناه بالدموع على مصاب الحسين عليهالسلام ولو كان مثل جناح البعوضة غفر الله ذنوبه ، ولو كانت مثل زبد البحر» ، وكان في المجلس معنا رجل يدعي العلم ولا يعرفه ، فقال : ليس هذا صحيح وأنّ العقل لا يقبله.
قال : وكثر البحث بيننا ثم افترقنا وهو مصرّ على ماهو عليه ، فلمّا نام تلك الليلة رأى في منامه كأنّ القيامة قد قامت وحشر الناس في صعيد واحد ، وقد نصبت الموازين وامتد الصراط ، ووضع للحساب ونشرت الكتب ، واسعرت النيران وزخرفت الجنان ، واشتد الحر عليه وعطش عطشاً شديداً ، فجعل يطلب الماء فلا يجده ، فالتفت هناك وإذا بحوض عظيم الطول والعرض ، فقال في نفسه : هذا هو الكوثر ؛ فأقبل إليه وإذا عليه رجلان وامرأة أنوارهم مشرقة لابسين السواد ، قال : فسألت عنهم فقيل لي : هذا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهذا علي عليهالسلام ، وهذه فاطمة عليهاالسلام ، فقلت : اذا لماذا لابسين السواد فقيل لي أليس هذا اليوم يوم قتل فيه الحسين عليهالسلام ، قال : فدنوت إليهما وقلت لفاطمة : سيدتي إني لعطشان ، فنظرت إليّ شزراً ، وقالت لي : أن الذي تنكر فضل البكاء على ولدي الحسين عليهالسلام ، لن تذوق منه قطرة واحدة حتى تتوب ما أنت عليه ؛ قال : فانتبه من نومه فزعاً مرعوباً وجاء إلى أصحابه ، وقص عليهم رؤياه وقال والله يا أصحابي أنا ندمت ممّا صدر منّي ، وأنا تائب عمّا كنت عليه (١).
__________________
(١) بحار الأنوار : ٤٤ / ٢٩٣ ـ الحديث (٣٨).