عمّته زينب صارخة باكية واُمّة رملة معولة.
ومنها أنّ محمد بن الحنفية كان إذا حمل على القوم وضايقه العدو أدركه المدد من أبيه بالأبطال والشجعان وإن ناداهم ادركوه ، والقاسم حمل على القوم وهو ينظر إلى أصحاب عمّه مجزّرين كالاضاحي وينظر الى عمّه يستغيث فلا يغاث وينظر إلى النسوة بالخيمة وقد علا صرخهن.
ومنها أنّ محمد بن الحنفية تكعكع يوم الجمل لمّا رأى السهام ترشق عليه أراد حتى تنفذ سهام القوم ، والقاسم أراد الحسين عليهالسلام تأخيره عن الحرب مراراً وهو يلحّ على عمّه ويقبل يديه ورجليه وهو يقول : يا عمّاه لا طاقة لي على البقاء وأرى بنو عمومتي وأخوتي مجزرين وأراك وحيداً فريداً ، والحسين يقول له : ياابن أخي أنت الوديعة.
قال الأروي : فلم يزل يستأذن عمّه الحسين عليهالسلام حتى إذن له (١).
أقول : فلو فكّر الإنسان إلى ما لاقاه القاسم يوم كربلاء لعرف بسالته وشجاعته تجاه العدو لمّا حمل على القوم وجعل يضربهم بسيفه ، فهذه أفعاله يوم الطف ، وأمّا أقواله فتبهر العقول وذلك هو لمّا ارتجز وهو في الميدان غايته أن يعرّفهم نفسه قائلاً بل مفتخراً :
إن تنكروني فأنا نجل الحسن |
|
سبط النبي المجتبى والمؤتمن |
هذا حسين كالأسير المرتهن |
|
بين اناس لا سقوا صوب المزن |
__________________
(١) لم نعثر عليه ، وأحسبه من مصادر أبناء العامة حيثُ لم يذكره آغا بزرك رحمه الله في الذريعة ، وأغلب الظن هو الشيخ إبراهم الآروي شارح مسند الشافعي المطبوع بالهند سنة ١٣٠٥ هـ.