فقالوا : يا سبحان الله ، فما يقول الناس لنا؟ وماذا نقول لهم؟ إنّا تركنا شيخنا وسيّدنا وبني عمومتنا خير الأعمام ، ولم نرم معهم بسهم ، ولم نطعن معهم برمح ، ولم نضرب معهم بسيف ، ولا ندري ما صنعوا ، لا والله لا نفعل ذلك ولكنّا نفديك بأنفسنا وأموالنا وأهالينا.
وقام إليه مسلم بن عوسجة الأسدي فقال : أنحن نخلّي عنك وقد أحاط بك هذا العدو؟! وبماذا نعتذر إلى الله في أداء حقك؟ لا والله ... لا يراني الله أبداً وأنا أفعل ذلك حتى أكسر في صدورهم رمحي ، وأضاربهم بسيفي ما ثبت قائمة بيدي ، ولو لم يكن معي سلاح اقاتلهم به أقذفهم بالحجارة ولا افارقك أو أموت معك.
وقام سعيد بن عبدالله الحنفي فقال : لا والله يابن رسول الله لا نخلّيك أبداً حتى يعلم الله أنّا قد حفظنا فيك وصيّة رسوله محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والله لو علمت أنّي اُقتل فيك ثم أحيا ثم أُحرق حيّاً ثم أُذري ويفعل بي ذلك سبعين مرّة ما فارقتك حتى ألقى حمامي دونك ، وكيف لا أفعل ذلك؟ وإنما هي قتلة واحدة ثم أنال الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً.
وقام زهير بن القين وقال : والله يابن رسول الله لوددت أنّي قُتلت ثم نُشرت ألف مرة ، وإنّ الله يدفع بذلك القتل عن نفسك وعن أنفس هؤلاء الفتيان من إخوتك وولدك وأهل بيتك.
وتكلّم جماعة من أصحابه بكلام يشبه بعضه بعضاً وقالوا : أنفسنا لك الفداء نقيك بأبداننا وأنفسنا ، فإذا نحن قتلنا بين يديك نكون قد وفينا لربّنا وقضينا ما علينا.
وكان من جملة أصحابه وهب بن عبدالله الكلبي ، وكان رجلاً نصرانياً نازلاً على بئر اُم عمير بالكوفة ، ولمّا بعث ابن زياد الجيوش إلى حرب الحسين عليهالسلام