عليه وآله وسلم ، كان يقول : «يا ابن آدم اعمل الخير ودع الشّرّ فإذا أنت جواد قاصد (١)» ألا وإنّ الظّلم ثلاثة : فظلم لا يغفر ، وظلم لا يترك ، وظلم مغفور لا يطلب : فأمّا الظّلم الّذى لا يغفر فالشّرك باللّه ، قال اللّه : «إِنَّ اَللّٰهَ لاٰ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ» وأمّا الظّلم الّذى يغفر فظلم العبد نفسه عند بعض الهنات (٢) ، وأمّا الظّلم الّذى لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا ، القصاص هناك شديد! ليس هو جرحا بالمدى (٣) ولا ضربا بالسّياط ، ولكنّه ما يستصغر ذلك معه (٤). فإيّاكم والتّلوّن فى دين اللّه ، فإنّ جماعة فيما تكرهون من الحقّ خير من فرقة فيما تحبّون من الباطل (٥) وإنّ اللّه سبحانه لم يعط أحدا بفرقة خيرا : ممّن مضى ولا ممّن بقى.
يا أيّها النّاس ، طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب النّاس ، وطوبى لمن
__________________
(١) مستقيم أو قريب من اللّه والسعادة. وأصل الجواد القاصد السهل السير الذى ليس بالسريع فيتعب راكبه ولا البطىء فيفوت غرض صاحبه ببطئه
(٢) بفتح الهاء جمع هنة ـ محركة ـ : وهى الشىء اليسير والعمل الحقير ، والمراد به صغائر الذنوب
(٣) جمع مدية : وهى السكين ، والسياط : جمع سوط
(٤) ولكنه العذاب الذى يعد الجرح والضرب صغيرا بالنسبة إليه
(٥) من يحافظ على نظام الألفة والاجتماع ـ وإن ثقل عليه أداء بعض حقوق الجماعة ، وشق عليه ما تكلفه به من الحق ـ فذلك الجدير بالسعادة ، دون من يسعى للشقاق وهدم نظام الجماعة وإن نال بذلك حقا باطلا وشهوة وقتية ، فقد يكون فى حظه الوقتى شقاؤه الأبدى. ومتى كانت الفرقة عم الشقاق ، وأحاطت العداوات واصبح كل واحد عرضة لشرور سواه ، فمحيت الراحة ، وفسدت حال المغيشة