قال قاضي القضاة ـ في ما حكاه عنه ابن أبي الحديد (١) ـ : «أكثر ما يروون في هذا الباب غير صحيح ، ولسنا ننكر صحة ما روي من ادّعائها فدك ، فأما أنّها كانت في يدها فغير مسلّم».
فأنت ترى أنّه لم ينازع إلاّ في كون فدك بيدها الذي هو محلّ الكلام في الصدر الأوّل ، ولم ينكر صحّة ما روي من ادّعائها النحلة.
وحكى ابن أبي الحديد ، عن كتاب «السقيفة وفدك» لأحمد بن عبد العزيز الجوهري أخباراً كثيرة في ادّعائها نِحلة فدك (٢).
وذكر في «المواقف» وشرحها ، في المقصد الرابع من مقاصد الإمامة ، أنّها ادّعت النحلة وشهد لها عليٌّ والحسنان ، وأضاف في «المواقف» : أُمَّ كلثوم ، وقال في شرحها : «الصحيح : أُمّ أيمن» (٣).
ولم يناقش أحدهما في وقوع دعوى النحلة ، وصدور شهادة الشهود بها ، وإنّما أجابا بتصويب أبي بكر في ردّ شهادتهم!
وقال ابن حجر في «الصواعق» (٤) : «ودعواها أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) نحلها فدكاً ، لم تأت عليها إلاّ بعليّ ، وأُمّ أيمن ، فلم يكمل نصاب البيّنة ؛ على أنّ في قبول شهادة الزوج لزوجته خلافاً بين العلماء ، وعدم حكمه بشاهد ويمين ، إمّا (لعلّه لكونه) (٥) ممّن لا يراه ، ككثير من العلماء ، أو أنّها لم تطلب
__________________
(١) ص ٩٩ من المجلّد الرابع [١٦ / ٢٦٩]. منه (قدس سره).
وانظر : المغني ـ للقاضي عبد الجبّار ـ ٢٠ ق ١ / ٣٣٣ ـ ٣٣٤ ، الشافي في الإمامة ٤ / ٩٠.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٦ / ٢١١ ـ ٢٢٠ و ٢٢٨ و ٢٣٠ ـ ٢٣٤.
(٣) المواقف : ٤٠٢ ، شرح المواقف ٨ / ٣٥٥ ـ ٣٥٦.
(٤) في الشبهة السابعة من الفصل الخامس من الباب الأوّل [ص ٥٧]. منه (قدس سره).
(٥) كذا في الأصل ، وهو تصحيف ، صوابه ما في المصدر : «لعلّة كونه».