النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ومقتضى رواية أبي بكر أن تكون هذه المتروكات من الصدقات ، فكيف كان على أبي بكر أن لا يحرّكها؟!
وأيُّ تحريك أكبر من حكم النبيّ بأنّها صدقة؟!
وأمّا قوله : «ولو كان ميراثاً لكان العبّاس وارثاً أيضاً ؛ لأنّه العمّ» ..
فمردودٌ بأنّ العمّ لا يرث مع البنت ؛ لبطلان التعصيب (١) على الأحقّ ، ولو سُلّم فقد زعم بنو العبّاس أنّهم ورثوا البردة والقضيب ، ولعلّهم يرون أنّهما كانا سهم العبّاس من الميراث.
هذا كلّه في دعوى الإرث.
وأمّا دعوى النِّحلة ، فلا ريب بصدورها من سيّدة النساء (عليها السلام) ، وهي مسلّمةٌ من الصدر الأوّل إلى الآن.
__________________
(١) التعصيب : هو إعطاء ما فضل من التركة من أصحاب الفروض إلى عَصَبَة الميّت ـ وهم بنوه وقرابته لأبيه ، الّذين يرثون الرجلَ عن كلالة ، من غير والد ولا ولد ـ ، فكلّ مَن لم تكن له فريضة مسمّاة ، يأخذ من الميراث إنْ بقي شيء بعد قسمة الفرائض.
انظر : الحاوي الكبير ١٠ / ٢٨٨ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٢٩ / ١٥٧ وج ٣٠ / ١٣ ، بداية المجتهد ٥ / ٤٠٢ ـ ٤٠٦ ، المغني ـ لابن قدامة ـ ٧ / ٧ ، المجموع شرح المهذّب ١٦ / ٩٧ ، الشرح الكبير على المقنع ـ لابن قدامة المقدسي ـ ٧ / ٥٣ ، اللباب في شرح الكتاب ٤ / ١٩٣ ، لسان العرب ٩ / ٢٣٢ مادّة «عصب».
نقول : لقد أجمعت الطائفةُ الحقة الإماميّة الاثنا عشرية على بطلان التعصيب وعدم جوازه ، فلا ميراث للعصبَة عند الإماميّة على تقدير زيادة الفريضة عن السهام ؛ مستدلّين بعمومِ قوله تعالى : (وأُولو الأرحام بعضُهم أَوْلى ببعض في كتاب الله) سورة النساء ٤ : ٧٥ ، وإجماعِ أهل البيت (عليهم السلام) وتواترِ أخبارهم بذلك ، فيُردّ فاضلُ التركة بعد توزيع السهام على الوارث الأوّل.
انظر مثلا : الكافي ٧ / ٧٥ ح ١ ، تهذيب الأحكام ٩ / ٢٥٩ ـ ٢٦٧ ، وسائل الشيعة ٢٦ / ٨٥ ـ ٨٩ ح ٣٢٥٤٣ ـ ٣٢٥٥٣ باب بطلان التعصيب من كتاب الفرائض والمواريث ، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية ٨ / ٧٩ ـ ٨١.