وأقول :
كونه من باب التبرّي عن الإيالة غير صحيح ، وإلاّ لَما تمنّى منصباً آخر ، ولا سيّما ما هو قريب من الإمامة ، وهو الوزارة.
بل يدلّ على صعوبة أمر الخلافة عليه فتمنّى أنّه لم يتولّها ، كما فهمه قاضي القضاة ، ولكن قال : «لا ذمّ على أبي بكر فيه ؛ فإنّ من اشتدّ عليه التكليف فهو يتمنّى خلافه» (١).
واعترض عليه السيّد المرتضى (رحمه الله) بأنّ ولاية أبي بكر إذا كانت هي التي اقتضاها الدين والنظر للمسلمين في تلك الحال ، وما عداها كان مفسدة ومؤدّياً إلى الفتنة ، فالتمنّي لخلافها لا يكون إلاّ قبيحاً (٢).
وأجاب عنه ابن أبي الحديد (٣) بأنّ أبا بكر ما تمنّى أن يكون الإمام غيره مع استلزام ذلك للمفسدة ، بل تمنّى أن يليَ الأمر غيره وتكون المصلحة بحالها.
وأقول :
يَرِدُ عليه : إنّ التقييد بأن تكون المصلحة بحالها غير مفهوم من كلام أبي بكر ، وإنّما تمنّى أن يقذف الأمر بعنق أحد الرجلين على الحال
__________________
(١) انظر : المغني ٢٠ ق ١ / ٣٤١ ، شرح نهج البلاغة ١٧ / ١٦٥.
(٢) انظر : الشافي ٤ / ١٣٩ ـ ١٤٠ ، شرح نهج البلاغة ١٧ / ١٦٦.
(٣) ص ١٧٠ من المجلّد الرابع [١٧ / ١٦٨]. منه (قدس سره).