الخبر مع هذه المفاسد!
وأما ما أجاب به عن السؤال بقوله : «فإن قيل : لا بُد لكم من بيان حجّية هذا الحديث ، ومن بيان ترجيحه على الآية» ..
ففيه : إنّ دعوى الحكومة لأبي بكر في المقام خطأٌ ؛ فإنّه خصم بحت ؛ لاستحقاقه لهذه الصدقة ، وإنْ فُرض غناه ؛ لأنّها من الصدقات بالمعنى الأعمّ الذي ادّعاه الخصم.
بل أبو بكر أظهر الناس خصومةً ؛ لأنّه يزعم أنّ أمر صدقات النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) راجعٌ إلى وليّ الأمر بعده ، وأنّه وليّه.
وليت شعري لِمَ صار أمير المؤمنين (عليه السلام) خصماً لليهودي في الرواية التي ذكرها الفضل ورجع إلى شريح ، وصار أبو بكر هو الحكَم في ما ادّعاه على الزكيّة الطاهرة؟!
ولو سُلّم أنّ له الحكومة وإنْ كان خصماً ، فالحديث الذي استند إليه في الحكم عليها ليس قطعيّ الدلالة ؛ لاحتمال أن يريد به النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) : أنّا لا نترك شيئاً من المال يبقى بعدنا لورثتنا (١) ، بل نصرفه في وجوه البرّ ؛ إذ ليس من شأننا جمع المال كالملوك ، وما نتركه بعدنا إنّما هو من مال الصدقات التي لنا الولاية عليها.
وحينئذ لو اتّفق بقاء مال يملكه النبيّ لسبب يُرجح بقاءه (٢) ، لا يمتنع أن يكون إرثاً لورثته.
__________________
(١) ويؤيّده ما ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال ـ في حديث ـ : «وذاك أنّ الأنبياء لم يورِّثوا درهماً ولا ديناراً ...».
انظر : الكافي ١ / ٣٢ ح ٢ باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء.
(٢) كالأشياء التي يحتاج إليها إلى آخر عمره الشريف ؛ كالثياب والسلاح والدابّة ، ونحو ذلك.