فإذا عرفت أنّ أبا بكر متفرّد بهذه الرواية ، عرفت أنّه لا يصحّ التعويل عليها ؛ إذ لا يمكن أن يُخفي نبيُّ الرحمة والهدى هذا الحكم عمّن هو محلُّ الابتلاء به ـ وهم ورثته ـ ، ويعرّف به أجنبيا واحداً ، حتّى يصير سبباً للفتنة والخلاف بين ابنته الطاهرة ومَن يلي أمر الأُمة إلى أن ماتت غضبى عليه ، وهو قد قال في حقّها : «إنّ الله يغضب لغضبها ، ويرضى لرضاها» (١) ..
و «يؤذيني ما يؤذيها» (٢).
__________________
والجواب : إنّ خبر الواحد ـ وإن كان ظنّيّ المتن ـ قد يكون قطعي الدلالة ، فيخصّص به عامّ الكتاب ؛ لكونه ظنّيّ الدلالة وإن كان قطعيّ المتن ، جمعاً بين الدليلين ، وتمام تحقيق ذلك في أُصول الفقه ، على أنّ الخبر المسموع من فم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إن لم يكن فوق المتواتر فلا خفاء في كونه بمنزلته ، فيجوز للسامع المجتهد أن يخصّص به عامّ الكتاب».
انظر ما تقدّم من النصوص في : تاريخ الخلفاء : ٨٦ ، تاريخ دمشق ٣٠ / ٣١١ ، الصواعق المحرقة : ٢٠ ، شرح مختصر ابن الحاجب ٢ / ٥٨ ـ ٥٩ ، المحصول في علم الأُصول ٢ / ١٨٠ ـ ١٨١ ، كشف الأسرار في شرح أُصول البزدوي ٢ / ٦٨٨ ، فواتح الرحموت شرح مسلّم الثبوت ـ في هامش «المستصفى» ـ ٢ / ١٣٢ ، شرح المواقف ٨ / ٣٥٥ ، شرح المقاصد ٥ / ٢٧٨.
هذا ، وقد عالج السيّد عليّ الحسيني الميلاني ـ حفظه الله ـ قضية فدك خاصة وميراث النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) عامة بأُسلوب جديد متقن في كتابه «مسألة فدك» ؛ فراجعه!
(١) تقدّم تخريجه في الصفحة ٧٥ هـ ٢ من هذا الجزء ؛ فراجع!
(٢) انظر : صحيح البخاري ٧ / ٦٦ ذ ح ١٥٩ ، صحيح مسلم ٧ / ١٤١ ، سنن الترمذي ٥ / ٦٥٥ ح ٣٨٦٧ وص ٦٥٦ ح ٣٨٦٩ ، سنن أبي داود ٢ / ٢٣٣ ح ٢٠٧١ ، سنن ابن ماجة ١ / ٦٤٤ ذ ح ١٩٩٨ ، خصائص الإمام عليّ (عليه السلام) ـ للنسائي ـ : ١٠١ ـ ١٠٢ ح ١٢٨ و ١٢٩ ، مسند أحمد ٤ / ٥ و ٣٢٨ ، المعجم الكبير ٢٢ / ٤٠٤ ح ١٠١٠ و ١٠١١ وص ٤٠٥ ح ١٠١٣ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٧٣ ح ٤٧٥٠