__________________
الإحصاء يفيد مجموعها إجماعهم على وجوب القبول ... فلنعدّ جملةً ، منها : عمل أمير المؤمنين أبي بكر الصدّيق بخبر المغيرة ...
وأيضاً : إنّ الإجماع قد ثبت على قبول خبر أبي بكر : (الأئمة من قريش) و (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) ...
وها هنا دغدغة : فإنّ ذلك يستلزم أن يُنسخ الكتاب بخبر الواحد ، فإنّه قبل انعقاد الإجماع كان خبراً واحداً محضاً ، وفي الكتاب توريث البنت مطلق.
نعم ، إنّ أبا بكر إذ سمع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلا شبهة عنده ، فإنّه أتمّ من التواتر ، فصحّ له ذلك مخصّصاً أو نسخاً ، بخلاف مغيرة ، فإنّه إنّما خصّ أو نسخ بخبر الواحد. وبعد الإجماع فإنّما الإنساخ والتقييد بخبر الواحد عند المحقّقين.
والجواب : إنّ عمل أمير المؤمنين أبي بكر بمنزلة قوله وقول غيره من الصحابة : إنّ هذا منسوخ ؛ وهو حجّة في النسخ ، مع أنّ طاعة أُولي الأمر واجبة».
وقال القاضي الإيجي وشارحه الشريف الجرجاني : «شرائط الإمامة ما تقدّم ، وكان أبو بكر مستجمعاً لها ، يدلّ عليه كتب السير والتواريخ ، ولا نسلّم كونه ظالماً.
قولهم : كان كافراً قبل البعثة ؛ تقدّم الكلام فيه ، حيث قلنا : الظالم من ارتكب معصيةً تسقط العدالة بلا توبة وإصلاح ، فمن آمن عند البعثة وأصلح حاله لا يكون ظالماً.
قولهم : خالف الآية في منع الإرث.
قلنا : لمعارضتها بقوله (عليه السلام) : (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة).
فإن قيل : لا بُد لكم من بيان حجّيّة ذلك الحديث الذي هو من قبيل الآحاد ، ومن بيان ترجيحه على الآية.
قلنا : حجّيّة خبر الواحد والترجيح ممّا لا حاجة لنا إليه ها هنا ؛ لأنّه (رضي الله عنه) كان حاكماً بما سمعه من رسول الله ، فلا اشتباه عنده في سنده».
وقال سعد الدين التفتازاني : «فممّا يقدح في إمامة أبي بكر (رضي الله عنه) أنّه خالف كتاب الله تعالى في منع إرث النبيّ ، بخبر رواه ، وهو : (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) ، وتخصيص الكتاب إنّما يجوز بالخبر المتواتر دون الآحاد.