جزء من الوحي.
إنّ التلّقي عن الله وحصر الأخذ عنه جلّ وعلا تنفي كلّ ما عدا الوحي الإلهي في التشريع ، وتؤكّد أنّ هذا الوحي هو وحده المنبع الذي ليس للنبيّ أن يبدّله أو يغيّر فيه من تلقاء نفسه ، كما عرّفنا الله سبحانه ذلك بقوله : (قُلْ مَايَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْم عَظِيم) (١).
وقال : (قُلْ مَا كُنتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلاَ بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلاَّ نَذِيرٌّ مُبِينٌ) (٢).
وقال أيضاً : (قُل إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَايُوحَى إِلَيَّ مِن رَبِّي هذَا بَصَائِرُ مِن رَبِّكُمْ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِقَوْم يُؤْمِنُونَ) (٣).
وقال : (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) (٤).
وقال في ملائكته : (بَلْ عِبَادٌ مُّكْرَمُونَ * لاَ يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُم بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ) (٥).
إنّ هذه الآيات الشريفة صريحة في أنّه ليس لرسول الله ولا لملائكته أن يسبقوه بالقول أو أن يُشرِّعوا من قِبَل أنفسهم ، إذ ليس لهم إلاّ الاستماع إلى الوحي وانتظاره ، وقد انتظر الرسولُ صلىاللهعليهوآله الوحيَ في تغيير القبلة مدّة ستّة شهر أو سبعة حتّى
__________________
(١) يونس : ١٥.
(٢) الأحقاف : ٩.
(٣) الأعراف : ٢٠٣.
(٤) النجم : ٣ ـ ٥.
(٥) الأنبياء : ٢٦ ـ ٢٧.