فأذن لهم وزاد شرهم ، ثمّ استأذنوا في نهب دور البساسيري [ذي الميول الشيعية الذي أجاز الأذان بالحيعلة الثالثة] وكان غائباً في واسط فأذن لهم الخليفة.
وهي تلك السنة التي وقعت فيها الفتنة بين الشافعية والحنابلة ببغداد وأنكرت الحنابلة على الشافعية الجهر بالبسملة والقنوت في الصبح والترجيع بالأذان (١).
وذكر ابن الأثير بعض حوادث هذه السنة ، فقال : ... فتبعهم من العامة الجم الغفير وأنكروا الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ومنعوا من الترجيع في الأذان ، والقنوت في الفجر ، ووصلوا إلى ديوان الخليفة ، ولم ينفصل حال ، وأتى الحنابلة إلى مسجد بباب الشعير ، فنهوا إمامه عن الجهر بالبسملة فأخرج مصحفاً وقال : أزيلوها من المصحف حتّى لا أتلوها (٢).
وهذا يشير إلى أن الخلاف الفقهي بين المسلمين لا ينحصر في الحيعلة الثالثة ولا ينحصر بالطالبيين ، فقد يذهب بعض أهل السنة إلى خلاف المشهور عندهم لثبوت شرعيتها عنده وهذا ما نريد قوله ، وهو وجود أصل متجذر للمختلف فيه بين المسلمين ، وأن الطالبيين كانوا جادّين في الحفاظ على ما تلقوه ورووه من سنة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ونهج أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهالسلام.
أما عموم اتباع نهج الخلفاء فكانوا يتبعون عمر بن الخطاب وغيره من الخلفاء فيما شرعوه من الامور التي أشار الامام علي عليهالسلام اليها سابقاً.
__________________
(١) تاريخ أبي الفداء ٢ : ١٧٤.
(٢) الكامل في التاريخ ٨ : ٧٢ ـ ٧٣ حوادث سنة (٤٤٧).