فأمر الأستاذ كافور الإخشيدي بإزالته ، فحدّثه جماعة في إعادة ذكر الصحابة على المساجد فقال : ما أُحدِث في أيّامي ما لم يكن ، وما كان في أيّام غيري فلا أزيله ، ثمّ أمر من طاف وأزاله من المساجد كلها.
ولما دخل جوهر القائد بعساكر المعزّ لدين الله إلى مصر وبنى القاهرة أظهر مذهب الشيعة ، وأذّن في جميع المساجد الجامعة وغيرها «حيّ على خير العمل» وأعلن بتفضيل عليّ بن أبي طالب على غيره ، وجهر بالصلاة عليه وعلى الحسن والحسين وفاطمة الزهراء رضوان الله عليهم ...
وفي ربيع الأوّل سنة اثنين وستّين عَزّر سليمانُ بن عروة المحتسب جماعة من الصيارفة ، فشغبوا وصاحوا : معاوية خال عليّ بن أبي طالب ، فهمّ جوهر أن يحرق رحبة الصيارفة لكن خشي على الجامع ، وأمر الإمام بجامع مصر أن يجهر بالبسملة في الصلاة ، وكانوا لا يفعلون ذلك ، وزِيدَ في صلاة الجمعة القنوت في الركعة الثانية ، وأمر في المواريث بالردّ على ذوي الأرحام ، وأن لا يرث مع البنت أخ ولا أخت ولا عمّ ولا جدّ ، ولا ابن أخ ولا ابن عم ، ولا يرث مع الولد الذكر أو الأنثى إلاّ الزوج أو الزوجة والأبوان والجدّة ، ولا يرث مع الأمِّ إلاّ من يرث مع الولد أو الأنثى إلاّ الزوج أو الزوجة والأبوان والجدّة ، ولا يرث مع الأم إلاّ من يرث مع الولد.
وخاطب أبو الطاهر محمّد بن أحمد ـ قاضي مصر ـ القائدَ جوهراً في بنت وأخ ، وأنه حكم قديماً للبنت بالنصف وللأخ بالباقي ، فقال : لا أفعل ، فلمّا ألحّ عليه قال : يا قاضي ، هذا عداوة لفاطمة عليها السلام!! فأمسك أبو الطاهر فلم يراجعه بعد ذلك ... (١)
__________________
(١) المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والأثار للمقريزي ٢ : ٣٤٠.