مصر وانتشر مذهب أبي حنيفة في مصر ، فصار يؤذن في بعض المدارس التي للحنفيّة بأذان أهل الكوفة ، وتقام الصلاة أيضاً على رأيهم (١) ...
ومما يجب الإشارة إليه أنّ دولة سيف الدولة الحمدانيّ المتوفّى سنة ٣٥٦ هـ اتّسعت وشملت حلب وانطاكيه وقنّسرين ومنبج وبالس ومعرّة النعمان ومعرّة مصرين ، وسرمين ، وكفر طاب ، وافامية ، وعزاز ، وحماة ، وحمص ، وطرطوس ، ثمّ تولى بعده أخوه ناصر الدولة. وكانت دولة شيعية اثني عشريّة تعلن عن معتقداتها وآراءها بدون عسف وقسر.
روى ابن ظافر في أحداث سنة أربع وخمسين وثلاثمائة أن سيف الدولة صاهر أخاه ناصر الدولة ، فزّوج ابنيه أبا المكارم وأبا المعالي بابنتَي ناصر الدولة ، وزوج أبا تغلب بابنته «ستّ الناس» وضرب دنانير كبيرة ، في كلّ دينار منها ثلاثون ديناراً وعشرون وعشرة عليها مكتوب : «لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله. أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب. فاطمة الزهراء. الحسن. الحسين. جبريل :». وعلى الجانب الآخر «أمير المؤمنين المطيع لله. الأميران الفاضلان : ناصر الدولة ، سيف الدولة. الأميران أبو تغلب وأبو المكارم» (٢).
وواضح ممّا تقدم أنّ الشيعة كانوا يعلنون عن معتقداتهم بكل رصانة وهدوء وبالدليل والمنطق حين تستقر بهم الأمور ، بخلاف مَن أمروا بإلقاء مَن يؤذّن بالحيعلة الثالثة وبفضل محمّد وآل محمّد من على رأس المنارة!!
وجاء في الكامل لابن الأثير وتاريخ الإسلام للذهبي في حوادث سنة ٣٥١ هـ : وفيها كتبت الشيعة ببغداد على أبواب المساجد : لَعَنَ الله معاوية ، ولَعَنَ من غَصَبَ
__________________
(١) خطط المقريزي ٢ : ٢٧١ ـ ٢٧٢.
(٢) أعيان الشيعة ٨ : ٢٦٩.