خرجت من يميني ، وممَّا عَلَيَّ». ولم يتخلَّف عنه أحد من الطالبيّين (١).
غير أنّهم حرّفوا الخلاف العقائدي السياسي إلى خلاف سياسي بحت ، فنراهم يشككون في أهداف ثورة صاحب فخ ويتّهمونه وكلَّ الثوار بأنّهم ثاروا للدفاع عن شخص سكّير ـ والعياذ بالله ـ وهو الحسن بن محمّد بن عبدالله بن الحسن (ابن النفس الزكية) (٢)!
ومثله قالوا عن ثورة الإمام زيد وشككوا في دواعي ثورته الخالصة ، زاعمين أنّها جاءت على أثر خلاف ماليّ بينه وبين بعض أعوان السلطة وهو خالد بن عبدالله (٣) أو أنّه وابني الحسن تخاصما في وقف لعلي (٤) أو ما شابه ذلك من التهم الفارغة التي تباين شخصية هؤلاء الأفذاذ ، وما هذا إلاّ كصنيع الأمويين مع النصوص والأحداث.
لقد سعت حكومة عمر بن الخطاب ومن بعده عثمان والحكومة الأموية ، إلى تجريد الحيعلة الثالثة من طابعها السياسي ، بل حاولوا إدخالها في إطار اختلاف وجهات النظر والاجتهاد بين الصحابة كما يسمّونه ، لكنّ الأمر أخذ يختلف في العهد العباسي الأول ثمّ من بعده في الحكومات اللاحقة ، إذ راح يتبلور أكثر فأكثر كون
__________________
(١) مقاتل الطالبيّين : ٤٤٣ ـ ٤٤٧ وقد رويناه مختصراً.
(٢) تاريخ الطبري ٨ : ١٩٢ ، ١٩٣ ، الكامل في التاريخ ٥ : ٧٤ ـ ٧٥.
(٣) تاريخ الطبري ٧ : ١٦٠. وقد أجاب الإمام زيد عن هذه التهمة وقال ليوسف بن عمر : أنّى يودعني مالاً وهو يشتم آبائي على منبره.
فارسل [يوسف] إلى خالد فاحضره في عباءة فقال له : هذا زيد ، زعمت أنك قد أودعته مالاً ، وقد أنكر.
فنظر خالد في وجههما ثمّ قال : أتريد أن تجمع مع إثمك فيّ إثماً في هذا! كيف أودعه مالاً وأنا أشتمه وأشتم آباءه على المنبر! قال : فشتمه يوسف ، ثمّ رده ، (تاريخ الطبري ٧ : ١٦٧).
(٤) تاريخ الطبري ٧ : ١٦٣ احداث سنة ١٢١.