من ذلك تخطئة كلّ النصوص الدالة على أنّ الصلاة خيرُ موضوع وخير الأعمال ، وأنّها وسيلة لقبول الأعمال وردّها.
رابعاً : من المعلوم أنّ المسلمين صاروا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله نهجين : أحدهما : نهج الخلفاء ، والآخر نهج أهل البيت. وكان هؤلاء على تخالف في كثير من القضايا السياسية والفقهية ، فلمّا منع عمر الحيعلة الثالثة نَسَبَ نهجُ الخلفاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله المنعَ تأييداً للخليفة عمر بن الخطاب ، حتّى إذا جاء الخلفاء اللاحقون منعوا هذا الفصل من الأذان واستقبحوه من الناس ، ولأجله ترى انحسار الروايات الدالة على الحيعلة في كتب الجمهور ، لكنّ الطالبيِّين أصرّوا على الإتيان بها على الرغم من هذا المنع.
وبذلك تحزّب أبناء السنّة والجماعة لمذهب عمر بن الخطاب وحكمّوا رأيه في مقابل موقف الإمام عليّ وأولاده الذين خالفوا هذا المنع وأصرّوا على الحيعلة الثالثة رغم كلّ الظروف والمشاكل ، كما ستقف عليها لاحقاً.
خامساً : إنّ المطّلع على مجريات الأحداث في زمن رسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ مَن بعده يقف على حقيقة جلية ، هي أنّ قر يشاً لم تكن ترضى باجتماع النبوة والخلافة في بني هاشم ، وكانت تطمع في الخلافة من بعده صلىاللهعليهوآله ، فكانوا يشترطون على رسول الله أن يبايعوه بشرط أن يجعل لهم نصيباً في الخلافة من بعده ، لكنّه صلىاللهعليهوآله كان يقول : «إن الأمر لله يجعله حيث يشاء» (١) وليس الأمر بيدي.
وجاء عن ابن عباس : إن عمر بن الخطاب قال له في أوائل عهده بالخلافة : يا عبدالله ، عليك دماء البُدن إن كتَمتَنيها .... هل بقي في نفسه [يعني عليّ بن أبي طالب]
__________________
(١) انظر : حديث عامر بن صعصعة في سيرة ابن هشام ٢ : ٢٨٩ ، وحديث قبيلة كندة في سيرة ابن كثير ٢ : ١٥٩ ، وهما يدلاّن على ما نقوله.