وقد كان أبو بكر قد أغضب بلالاً في زمن النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فأمر النبيّ أبا بكر أن يترضّاه ، قالوا :
مرّ أبو سفيان ببلال وسلمان وصهيب ، فقالوا : ما أخَذَت سيوفُ الله من عُنُق هذا بعدُ مأخذها ، فقال أبو بكر الصديق : أتقولون هذا لشيخ قريش وسيّدها؟!
فذهب أبو بكر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فأخبره بذلك ، فقال له النبيّ صلىاللهعليهوآله : يا أبا بكر لعلّك أغضبتهم ، لئن كنت أغضبتهم لقد أغضبت ربّك ، قال : فرجع أبو بكر ، فقال : يا إخوة ، لعلّكم غضبتم. قالوا : يغفر الله لك يا أبا بكر (١)!
وقد كان بين بلال وعمر اختلاف في وقت الأذان ، أدّى بهم من بعد أن يختلقوا صحة أذان ابن أم مكتوم الأعمى في الفجر ، مخطّئين أذان بلال لعدم تشخيصه الفجر الصادق ، لضعف في بصره!! (٢)
روى الأوزاعي أنّ بلالاً أتى عمر بن الخطّاب فقال : الصلاة الصلاة ، فردّدها عليه ، فقال له عمر : نحنُ أعلمُ بالوقت منك ، فقال له بلال : لاَنا أعلم بالوقت منك ، إذ أنت أضلّ من حمار أهلك (٣)!
وفي زحمة هذا التضادّ السياسي الفقهي بين بلال من جهة ، وأبي بكر وعمر وأتباعهما من جهة ، يبدو أنّهم طلبوا منه حذف «حيّ على خير العمل» وإبدالها بـ «الصلاة خير من النوم» ، فرفض بلال ذلك ، ولذلك رفضوا بلالاً ورفضهم ، ونسبوا
__________________
(١) مختصر تاريخ دمشق ٥ : ٢٦١.
(٢) هذا ما تقف عليه في الباب الثاني من هذه الدراسة : «الصلاة خير من النوم» فراجع.
(٣) مختصر تاريخ دمشق ٥ : ٢٦٦ ـ ٢٦٧.