الثالثة عندما يأمن أهل الشام ، وكذا من أنّ يحيى بن زيد كان يأمر أصحابه بخراسان أن يحيعلوا فما زال مؤذنهم ينادي بها ، ومثله كلام إبراهيم بن عبدالله بن الحسن وانه كان يأمر أصحابه ـ إذا كانوا بالبادية ـ أن يزيدوا في الأذان حيّ على خير العمل (١).
وما قاله أحمد بن عيسى في جواب من سأله عن التأذين بحيّ على خير العمل؟
قال : نعم ، ولكن أُخفيها (٢).
فلو جمعت هذه النصوص بعضها إلى بعض لوقفت على الظروف التي كان يعيشها الطالبيون ، وهي ظروف لم تكن مؤاتية لإبداء آرائهم ، حتّى ترى عمر ابن إبراهيم رغم كونه زيدياً يفتي على مذهب السلطان ؛ لأن الفقه السائد يومئذ كان فقه أبي حنيفة ، فلا يرتضي أن يطّلع السمعاني على الجزء المصحّح بالأذان بحيّ على خير العمل ، فيأخذه منه ويقول له : «هذا لا يصلح لك ، له طالب غيرك» ثمّ يعلل سر وجود مثل هذه الكتب والأجزاء مصحّحة عنده بأنّه ينبغي «للعالم أن يكون عنده كلّ شيء ، فإن لكل نوع طالباً» لأن عمر بن إبراهيم كان يعرف السمعاني واهتماماته ، وقد أشار السمعاني نفسه إلى توجهاته الشخصية بقوله «... وجعلت أفتقد فيها حديث الكوفيين فوجدت ...» وفي هذا كفاية لمن أراد التعرف على ملابسات التشريع وما دار بين الكوفة والشام والحجاز و .. من التخالف والتضاد.
هذا شيء عن ملابسات (حيّ على خير العمل) ، وهي تدلّ على دور الحكومة بعدم التأذين بها. والآن مع أقوال بعض العلماء عن إجماع العترة على التأذين بحيّ
__________________
(١) حيّ على خير العمل بتحقيق عزّان : ١٤٧ ح ١٨٦ و ١٨٧.
(٢) حيّ على خير العمل بتحقيق عزّان : ١٥٠ ح ١٩٠ واخرجه محمد بن منصور في الامالي [لابن عيسى] ١ : ١٩٤ رقم ٢٣٧ قال سألت أحمد ... الخ.