السُّكوت عن بيان الناسخ ؛ لضعف تلك الأخبار وعدم دلالتها على المقصود ، بل لاحتواء تلك الأسانيد على وقفات علميّة ؛ سَنَديّة ودلاليّة ، يجب بيانها إن اقتضى الحال.
قال السيّد المرتضى في الانتصار : وقد روت العامّة أنّ ذلك [أي «حيّ على خير العمل»] مما كان يقال في بعض أيام النبيّ ، وإنّما ادّعي أن ذلك نُسخ ورُفع ، وعلى مَن ادّعى النسخ الدلالة له ، وما يجدها (١).
وقال ابن عربي في الفتوحات المكية : ... وأمّا من زاد في الأذان حيَّ على خير العمل فإن كان فُعل في زمان رسول الله ـ كما روي أنّ ذلك دعا به في غزوة الخندق ؛ إذ كان الناس يحفرون ، فجاء وقت الصلاة وهي خير موضوع كما ورد في الحديث ، فنادى المنادي أهل الخندق «حيَّ على خير العمل» ـ فما أخطأ مَن جعلها في الأذان ، بل اقتدى إن صحّ الخبر ، أو سنّ سنّة حسنة (٢).
وجاء في الروض النضير عن كتاب السنام ما لفظه : الصحيح أنّ الأذان شرّع بحيّ على خير العمل ، لأنّه اتُّفِق على الأذان به يوم الخندق ، ولأنّه دعاءٌ إلى الصَّلاة ، وقد
__________________
٨ : ٣٤٢ ح ٢٣١٧٤ بعد ذكر إسنادها قال : كان بلال يؤذّن بالصبح فيقول : حيَّ على خير العمل ، ولم يذكر فيه : «اجعل مكانها الصلاة خير من النوم».
(١) الانتصار ١٣٧ ، باب «وجوب قول حيّ على خير العمل في الأذان».
(٢) الفتوحات المكية ١ : ٤٠٠.