سبحانه وتعالى ، وهذه عمدة الإيمان والتوحيد ، المقدّمة على كلّ وظائف الدين.
ثمّ صرح بإثبات النبوّة والشهادة بالرسالة لنبيّنا ، وهي قاعدة عظيمة بعد الشهادة بالوحدانيّة وموضعها بعد التوحيد ، لأنّها من باب الأفعال الجائزة الوقوع ، وتلك المقدّمات من باب الواجبات ، وبعد هذه القواعد كملت العقائد العقليّات فيما يجب ويستحيل ويجوز في حقّه سبحانه وتعالى.
ثمّ دعا إلى ما دعاهم إليه من العبادات ، فدعا إلى الصلاة وجعلها عقب إثبات النبوّة ، لأنَّ معرفة وجوبها من جهة النبيّ صلىاللهعليهوآله لا من جهة العقل.
ثمّ دعا إلى الفلاح ، وهو الفوز والبقاء في النعيم المقيم ، وفيه إشعار بأُمور الآخرة من البعث والجزاء ، وهي آخر تراجم عقائد الإسلام.
ثمّ كرّر ذلك بإقامة الصلاة للإعلام بالشروع فيها ، وهو متضمّن لتأكيد الإيمان وتكرار ذكره عند الشروع في العبادة بالقلب واللسان وليدخل المصلّي فيها على بيّنة من أمره وبصيرة من إيمانه ويستشعر عظيم ما دخل فيه وعظمة حقّ مَن يعبده وجزيل ثوابه ...» (١).
وقد نقل محمّد بن علان ـ شارح الأذكار النوويّة ـ كلام القاضي عياض بشيء من التصرّف ، كقوله :
ثمّ كرّر التكبير آخره إشارة إلى الاعتناء السابق ، لأنَّ هذا المقام هو الأصل المبنيّ عليه جميع ما تقرّر من العقائد والقواعد ، وختم ذلك بكلمة التوحيد إشارة إلى التوحيد المحض ... (٢).
__________________
(١) نقله عنه النووي في المجموع ٣ : ٧٥. وانظر كلام السيّد البكري في حاشية اغاثة الطالبيين ١ : ٢٢٩ والبخاري في شرح الكرماني ٥ : ٤ وشرح النووي على مسلم.
(٢) وهو أن (لا إله إلاّ هو) ، معنى آخر لقوله (إنّا لله وإنّا إليه راجعون) أو قوله : (وإلى ربّك المنتهى).