كذبت ، وإن قلت أنّه جدّي فلم قتلتَ عِترته (١)؟
وها هنا ثلاث ركائز مهمة في هذه الخطبة :
أولّها : إن يزيد خاف أن يذكر الإمامُ السجّادُ فضائحَ يزيد ومعاوية وآل أبي سفيان ، مع أنّ الإمام في خطبته هذه لم يذكر صريحاً شرك أبي سفيان ولا معاوية ولا كونهما ملعونين ، كما لم يذكر هنداً وما كان منها في الجاهلية من سوء السيرة ، ولا ما كان من بقرها بطن حمزة ولا ولا ... فكانت الفضيحة لهم ببيان الحقائق النيّرة ، وما حرّفه المحرّفون ، وبيان مقامات النبيّ وعترته.
وثانيها : إنّ قسطاً مهمّاً من الخطبة انصبَّ على حقيقة الإسراء والمعراج ؛ إذ فيها العناية المتزايدة ببعض تفاصيلهما ، والتأكيد على أنّهما حقيقة عيانيّة بدنيّة كانت للنبيّ صلىاللهعليهوآله ، لا أنّها رؤيا وحُلُم كما يدّعيه الأمويّون ، فكان الإسراء والمعراج فيهما رفع ذكر النبيّ وتشريع الأذان والصلاة ، وفيهما رفع ذكر آل النبيّ صلىاللهعليهوآله تبعاً له.
كما أنّ في الخطبة حقيقة أنّ عليّاً هو الصدّيق لا غيره ، وأنّ فاطمة سيّدة نساء العالمين ، لا كما حرّفوا من أنّ الصدّيق هو أبو بكر ، وأنّ اسمه على قائمة العرش ، مع أنّ الحقيقة هي أنّ عليّاً هو الصديق وأن اسمه مكتوب على العرش ـ كما سيأتيك بيانه لاحقاً ـ وأن الصدّيقة فاطمة الزهراء قد كذَّبت أبا بكر الصديق!!! وقالت له : لقد جئتَ شيئاً فَريّاً (٢) وكذا الإمام عليّ فانه كذب من ادعى الصدّيقية في أبي بكر بقوله : أنا عبدَالله وأخو رسوله ، وأنا الصدّيق الاكبر ، لا يقولها بعدي إلاّ كذاب مفتري ، لقد صليت قبل الناس بسبع سنين (٣).
__________________
(١) مقتل الحسين للخوارزمي ٦٩ ـ ٧١ ، والفتوح لابن أعثم ٣ : ١٥٥.
(٢) تثبيت الإمامة ٣٠ ، بلاغات النساء ١٤ ، شرح نهج البلاغة ١٦ : ٢١٢ ، ٢٥١ ، جواهر المطالب ١ : ١٦١.
(٣) مستدرك الحاكم ٣ : ١١٢ وقال : صحيح على شرط الشيخين وتلخيصه للذهبي ، وشرح نهج