لا تدلّ عليه.
واعتذر المصنّف ـ رحمهالله ـ في المختلف عن ذلك بأنّ الاستباحة عنده أحد الأمرين الواجبين ، وأحد أفراد الواجب المخيّر يصدق عليه الوجوب بقولٍ مطلق ، وبأنّ نيّة رفع الحدث تستلزم الاستباحة ؛ لأنّها نيّة لإزالة المانع من الدخول في الصلاة ليدخل المكلّف فيها ، فإنّه الغاية الحقيقيّة ، فإنّ إزالة الحدث ليس غايةً ذاتيّة ، وإنّما هو مراد بالعرض لأجل استباحة الصلاة. (١)
وفيه نظر ؛ فإنّا لا ندّعي أنّ نيّة الرفع [لا] ترفع وجوب الاستباحة أو تنافيها ، بل نقول : إنّ الرفع لا دليل عليه ، وإنّ الآية إنّما تستلزم على ما قرّرتم الاستباحةَ لا الرفع.
وأمّا استلزام الرفع الاستباحةَ فحقّ في حقّ المختار ، لكن لا يلزم من نيّته نيّتها إلا إذا كان اللزوم بيّناً بحيث يلزم من تصوّر الملزوم تصوّر اللازم ، وظاهر أنّ استلزام رفع الحدث لاستباحة الصلاة ليس كذلك ، وإنّما يعلم اللزوم مع اقتران وسطٍ ، وهو آية غير البيّن ، كما إذا قيل : إنّ المراد بالاستباحة رفع المنع من الصلاة ، وبرفع الحدث رفع المانع ، ورفع المانع يستلزم رفع المنع وبالعكس في غير المتيمّم ودائم الحدث. لكنّ المفهوم من لزوم أحدهما للآخر كون تصوّر ماهيّة كلّ منهما من حيث هي يستلزم تصوّر الأُخرى ، وخروج الفردين يستلزم عدم الاستلزام كذلك ، إلا أن ينظر إلى التلازم بينهما بعد إخراج الفردين المذكورين ، ومع ذلك لا بدّ من اقتران وسط.
ومن هنا ذهب جماعة (٢) من أصحابنا إلى وجوب الجمع بين الأمرين محتجّين على ما حكاه الشهيد ـ رحمهالله ـ في الشرح بالجمع بين أدلّة الأقوال ، ونيّة كلّ من الرفع والاستباحة بالمطابقة ؛ لأنّ اللزوم غير بيّن ، والاتّحاد غير حاصل.
ثمّ أورد عليهم منع عدم اللزوم البيّن لو سُلّمت المغايرة ، (٣) ولم يذكر للمنع سنداً.
والتحقيق أنّ اللازم البيّن له معنيان :
أحدهما : ما يلزم تصوّره من تصوّر الملزوم ، ككون الاثنين ضِعف الواحد ؛ فإنّ مَنْ
__________________
(١) مختلف الشيعة ١ : ١٠٨ ، المسألة ٦٥.
(٢) منهم : القاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٤٣ ؛ وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٣٢ ؛ وابن حمزة في الوسيلة : ٥١ ؛ وقطب الدين الراوندي ومعين الدين المصري كما في غاية المراد ١ : ٣٧.
(٣) غاية المراد ١ : ٣٧.