موسّعاً يتضيّق بتضيّق عبادة متوقّفة على ذلك. وإطلاق الوجوب قبل الوقت مجاز.
(وكذا) يجب الماء في غسل (مخرج الغائط) وهو لغةً : ما انخفض من الأرض. وسُمّي الحدث المعلوم غائطاً باسم ما كان يفعل فيه ؛ لأنّ الرجل كان إذا أراد الحاجة قصد الغائط ، ولذلك قال تعالى (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ) (١) (مع التعدّي) للمخرج ، وهو حواشي الدُّبُر وإن لم يبلغ التعدّي إلى الأليين.
وهذا الحكم إجماعيّ من الكلّ.
ولقوله عليهالسلام يكفي أحدكم ثلاثة أحجار إذا لم يتجاوز محلّ العادة. (٢)
وغاية الغسل فيهما (حتى تزول العين والأثر) وهو الرسم الدالّ عليها.
قيل : وهو اللون ؛ لأنّه عَرَض لا يقوم بنفسه ، فلا بدّ له من محلّ جوهريّ يقوم به ؛ إذ الانتقال على الأعراض محال ، فوجود اللون دليل على وجود العين ، فتجب إزالته ، ولا يلزم مثل ذلك في الرائحة ؛ لأنّها قد تحصل بتكيّف الهواء ، فوجودها لا يستلزم وجود العين. (٣)
وفيه نظر ؛ لأنّ اللون معفوّ عنه في سائر النجاسات ففي الاستنجاء أولى. ولأنّه لا يلزم من عرضيّته واستحالة الانتقال عليها نجاسته ؛ إذ لا تلازم (٤) بين عدم قيامه بنفسه وقيامه بالنجاسة ؛ لأنّ هنا قسماً ثالثاً ، وهو : قيامه بمحلّ طاهر ، وهو الجسم. ولانتقاضه بالرائحة ؛ فإنّها من جملة الأعراض ولا تقوم بنفسها ، والهواء إنّما يتكيّف بوصف النجاسة ، والكلام فيهما واحد.
(ويتخيّر مع عدمه) أي التعدّي (بين ثلاثة أحجار طاهرة وشبهها) من كلّ جسمٍ طاهرٍ جافّ صلب غير صقيل ولا لزج ولا محترم. فخرج النجس ذاتاً وعرضاً ؛ لأنّ النجاسة لا تُزال بالنجس ، وحينئذٍ يتحتّم الماء ؛ لأنّ الحجر رخصة وتخفيف فيما تعمّ به البلوى ، فيقف على موردها ، وهي نجاسة الغائط المختصّ بالمحلّ ، فلا يلحق به غيره.
واحتمل المصنّف بقاءَ الرخصة ؛ لأنّ النجس لا يتأثّر بالنجاسة ، والتفصيل ، فإن كانت
__________________
(١) النساء (٤) : ٣ ؛ المائدة (٥) : ٦.
(٢) لم نعثر عليه فيما بين أيدينا من المصادر.
(٣) القائل هو السيوري في التنقيح الرائع ١ : ٧٢.
(٤) في «ق ، م» لا ملازمة.