ما لا يطاق ، وإلا خرج الواجب الفوري عن كونه واجباً فوريّاً.
لأنّا نقول : لا منافاة بين وجوب تقديم بعض الواجبات على بعض وكونه غير شرط في الصحّة ، كما في مناسك منى يوم النحر ؛ فإنّ الترتيب فيها واجب بالأصالة ، ولو خالف أجزأ ، ولا امتناع في أن يقول الشارع : أوجبت عليك كلا من الأمرين مع تضيّق أحدهما وتوسعة الآخر ، وإنّك إن قدّمت المضيّق ، امتثلت وسلمت من الإثم ، وإن قدّمت الموسّع ، امتثلت وأثمت في المخالفة في التقديم ، فلزوم تكليف ما لا يطاق على هذا التقدير ممنوع.
ومثله القول في المعارضة بين الصلاة في الوقت الموسّع ووفاء الدّيْن ، ونحو ذلك.
(و) كذا تجب إزالة النجاسة (عن الآنية للاستعمال) حيث يكون الاستعمال (موجباً لتعدّي النجاسة) (١) مشروطاً بالطهارة ، كالأكل والشرب اختياراً ، لا مطلق الاستعمال.
وكذا تجب إزالتها عمّا أمر الشارع بتعظيمه كالمصاحف المطهّرة والضرائح المقدّسة وآلاتهما ، وعن مسجد الجبهة ؛ للنصّ (٢) ، وعن المساجد السبعة عند أبي الصلاح (٣) ، وعن المصلّى بأسره عند المرتضى (٤) ، كلّ ذلك عند تحقّق الحاجة إليه ، كدخول الوقت إن أُريد الواجب الموسّع ، وضيقه إن أُريد المضيّق.
(وعُفي في الثوب والبدن عن دم القروح والجروح اللازمة) أي المستمرّة الخروج بحيث لا تنقطع أصلاً ، أو تنقطع فترة لاتسع لأداء الفريضة مع إزالتها ، أمّا لو انقطعت كذلك ، وجب على ما اختاره المصنّف (٥) وشيخه المحقّق (٦) ، وتبعهما الشهيد (٧) رحمهالله.
وبالغ المصنّف في النهاية ، فاقتصر من نجاسة الثوب والبدن على محلّ الضرورة ، وأوجب إبدال الثوب مع الإمكان مطلقاً ؛ محتجّاً بزوال المشقّة (٨).
وقريب منه حكمه في القواعد ؛ فإنّه قيّد الرخصة من أصلها بمشقّة الإزالة (٩).
__________________
(١) ما بين القوسين لم يرد في «م».
(٢) أنظر : التذهيب ١ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣ / ٨٠٢ ، و ٢ : ٣٧٢ / ١٥٤٨ ، والاستبصار ١ : ١٩٣ / ٦٧٥.
(٣) الكافي في الفقه : ١٤٠ ـ ١٤١.
(٤) حكاه عنه المحقّق الحلّي في المعتبر ١ : ٤٣١ ، والشهيد في البيان : ١٣٠ ، والذكرى ١ : ١٢٢.
(٥) تذكرة الفقهاء ١ : ٧٣.
(٦) المعتبر ١ : ٤٢٩.
(٧) الذكرى ١ : ١٣٧.
(٨) نهاية الإحكام ١ : ٢٨٦ و ٢٨٧.
(٩) قواعد الأحكام ١ : ٨.