لا تقتضي المشاركة في الشرائط. ولأنّ اشتراط المجموع بشيء لا يقتضي اشتراط الأجزاء بذلك.
وما ورد من قوله عليهالسلام في خبر عبد الرحمن في الحائض تقرأ ولا تسجد (١) محمول على السجدات المستحبّة ؛ بدليل قوله عليهالسلام : «تقرأ» فلا يصلح حجّةً للشيخ.
وإنّما ترك مسألة السماع ؛ لأنّ بحثه عن الوجوب ؛ لدلالة ظاهر الأمر عليه ، والسماع لا يوجب السجود عنده. ولأنّ القصد التنبيه على خلاف الشيخ رحمهالله.
وقال الشهيد رحمهالله في بعض تحقيقاته : إنّ المصنّف إنّما ترك السماع ؛ لأنّه مدلول عليه بالالتزام.
وفي تحقيق اللزوم نظر.
واعلم أنّ هذه الأُمور المحرّمة عليها ليست غاية زوال التحريم فيها واحدةً ، بل منه ما غايته الطهارة ، كالصلاة والطواف ومسّ كتابة القرآن ودخول المساجد وقراءة العزائم ، ومنه ما غايته انقطاع الدم ، كالطلاق ؛ فإنّ تحريمه مرتفع (٢) بالنقاء وإن لم تغتسل ، ومنه ما اختلف في إلحاقه بأحد القسمين ، وهو الصوم ، فالمشهور إلحاقه بالصلاة ، فلا يصحّ الصوم بدون الغسل وإن لم يتوقّف على الوضوء.
واختار المصنّف في النهاية تبعاً لابن أبي عقيل (٣) انتهاء غاية التحريم فيه إلى النقاء وإن لم تغتسل ، (٤) ولم يذكر في النهاية عليه دليلاً ، لكنّه مذهب العامّة ، وهو باصولهم أشبه ؛ لعدم اشتراط الطهارة في الصوم عندهم ؛ لصحّته من الجنب ، والترجيح مع المشهور بأُمور :
أحدها : أنّ الحيض مانع من الصوم في الجملة ، فيستصحب حكم المنع إلى أن يحصل المنافي له شرعاً باليقين ، وهو غير حاصل قبل الغسل ؛ لعدم الدليل الصالح على ذلك.
ولا يعارض بأنّ عموم الأوامر بالصوم يدخل المتنازع ، ولا يخصّ إلا بدليل ، وليس المتنازع كذلك ؛ لأنّ الحائض قد خرجت من عموم الأوامر بحصول الدم المحكوم بكونه حيضاً ، فلا تعود حتى يتحقّق ارتفاع المانع ، وهو إنّما يتمّ بالغسل.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٩٢ / ١١٧٢ ؛ الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٣ ، وفيه : «لا تقرأ ..».
(٢) في «م» : «يرتفع».
(٣) انظر : مختلف الشيعة ٣ : ٢٧٨ ٢٧٩ ، المسألة ٢٩.
(٤) نهاية الإحكام ١ : ١١٩.