وبما تقدّم من وصف الباقر عليهالسلام لوضوء رسول اللهُ صلىاللهعليهوآله ، إلى أن قال ومسح على مقدّم رأسه وظهر قدميه (١) وهو يعطي استيعاب المسح لجميع ظهر القدم.
وبأنّه أقرب إلى ما حدّده أهل اللغة. (٢)
وأنت خبير بعدم دلالة الحديث الثاني ، وقد تقرّر.
وأمّا حديث الأخوين : فهو وإن لم يناف مدّعاه لا ينافي مدّعى الجماعة أيضاً ، فيجب حمله على ما يوافق الحديثين المتقدّمين ؛ جمعاً بين الأخبار ، وموافقةً للإجماع ، مع أنّ الشهيد ـ رحمهالله ـ جَعَله أوّل الأدلّة النقليّة على قول جماعة الأصحاب. (٣)
وأمّا استدلاله بقربه إلى ما حدّده أهل اللغة : فقد أجاب عنه في الذكرى بأنّه إن أراد بأهل اللغة لغويّة العامّة ، فهُم مختلفون. وإن أراد لغويّة الخاصّة ، فهُم متّفقون على ما قرّرناه أوّلاً حتى أنّ العلامة اللغوي عميد الرؤساء صنّف في الكعب كتاباً مفرداً ، وأكثر فيه من الشواهد على أنّه قبّة القدم. (٤)
والظاهر أنّ تفسير الشهيد ـ رحمهالله ـ له في الألفيّة بأنّه ملتقى الساق والقدم (٥) على سبيل الاحتياط لا الوجوب ، كما ذكره في البيان (٦) ؛ لكثرة تشنيعه على الفاضل في القول بذلك حتى ألزمه خرق إجماع الكلّ وإحداث قولٍ ثالث مستلزم رفعَ ما أجمع عليه الأُمّة ؛ لأنّ الخاصّة على ما ذُكر ، والعامّة على أنّ الكعب ما نتأ عن يمين الرّجْل وشمالها. (٧) ـ (٨)
والعجب من المصنّف حيث قال في المختلف : إنّ في عبارة أصحابنا اشتباهاً على غير المحصّل (٩) ؛ مشيراً إلى أنّ المحصّل لا يشتبه عليه أنّ مرادهم بالكعب المفصل بين الساق والقدم ، وأنّ مَنْ لم يفهم ذلك من كلامهم لا يكون محصّلاً. ثمّ حكى كلام جماعة منهم ، والحال أنّ المحصّل لو حاول فهم ذلك من كلامهم ، لم يجد إليه سبيلاً ولم يقم عليه دليلاً.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٥ / ٤ ؛ الفقيه ١ : ٢٤ / ٧٤.
(٢) مختلف الشيعة ١ : ١٢٥ ـ ١٢٦ ، المسألة ٧٨.
(٣) انظر : الذكرى ٢ : ١٥٠.
(٤) الذكرى ٢ : ١٤٩ ـ ١٥١.
(٥) الألفيّة : ٤٤.
(٦) البيان : ٤٨.
(٧) في «ق ، م» والطبعة الحجريّة : «شماله». والأنسب ما أثبتناه.
(٨) الذكرى ٢ : ١٥١.
(٩) مختلف الشيعة ١ : ١٢٥ ، المسألة ٧٨.