وبهذا يتّضح : أنّ محمّد بن الحنفية لم يخالفه في أصل الخروج ، ولكن اقترح تفاصيل أُخرى ، فأجابه الحسين عليهالسلام : « يا أخي قد نصحت فأشفقت ، فأرجو أن يكون رأيك سديداً موفّقاً » (١).
هذا وللحسين جواب شامل لكُلّ من عارضه على الخروج ، هو ما ذكره ابن كثير في ردّه على عبد الله بن جعفر ، الذي كتب له كتاباً يحذّره من أهل العراق ، ويناشده الله إن شخص إليهم ، فكتب إليه الحسين : « إنّي رأيت رؤيا ، ورأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله أمرني بأمر ، وأنا ماض له ، ولست بمخبر بها أحداً حتّى أُلاقي عملي » (٢).
الحسين وأهل الكوفة :
يظنّ البعض بأنّهم يعرفون ما لا يعرفه الإمام الحسين عليهالسلام في شأن أهل الكوفة ، وكيف يخفى على الحسين عليهالسلام تذبذب نفوس أهل الكوفة ، وقد عاشرهم إبّان حياة أمير المؤمنين علي عليهالسلام ، ولم ينس قوله فيهم : « اللهم إنّي قد مللتهم وملوني » (٣) ، وقوله : « يا أشباه الرجال ولا رجال » (٤).
وقد كانت خيانتهم للحسن عليهالسلام على مرأى من عينيه ، ولازال الحسين يسمع صدى دعاء علي عليهالسلام عليهم.
وقد صرّح عليهالسلام بأنّه ذاهب إلى الشهادة كما نقلنا ، فادعاء الكاتب أنّ خروجه من أجل الدنيا والسلطة قدح في طهارة الحسين عليهالسلام ، وتكذيب لجدّه المصطفى صلىاللهعليهوآله ، بأنّه سيّد شباب أهل الجنّة ، وسوف يُسأل الكاتب عن هذا الظلم والعداء لأهل بيت النبيّ الطاهرين.
النهضة الحسينية : لم تكن نتيجة ضغط من أبناء مسلم بن عقيل :
__________________
١ ـ نفس المصدر السابق.
٢ ـ البداية والنهاية ٨ / ١٧٦.
٣ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ٣٣٢.
٤ ـ المصدر السابق ٢ / ٧٥.