وباعتبار الواجب الذي يراه عليهالسلام ملقىً على عاتقه ، ومثل هذه المسألة ـ الغدر والخيانة ـ لا يأب بها الإمام حتّى يترك هدفه ، وإلاّ لكان أبوه عليهالسلام أولى بمغادرة الكوفة من قبل! فاحتمال العصيان والنكول لا يسقط واجب التصدّي.
ج٤ : ليس من السهولة بمكان أن يرجع الحسين عليهالسلام إلى المدينة ، ومعه من النساء والأطفال ما يتجاوز المائة نفر ، كما أنّ الدولة الأموية ستحول بينه وبين المدينة ، لأنّها بدأت بالنفير وتجريد الجيوش لقتاله على كُلّ الساحات ، كما أنّ نفس مكّة والمدينة لم تكن صالحة للنصرة لعدّة أُمور :
١ ـ إنّ هاتان المدينتان حرم الله وحرم رسوله صلىاللهعليهوآله ، فلا يجوز انتهاكهما.
٢ ـ لو كان هناك أنصار واتباع ، لساروا معه ، ولما تركوه يسير بأهل بيته ، وبقلّة من الأنصار ، حتّى أنّ الإمام السجّاد عليهالسلام يؤكّد هذه الحقيقة بقوله : « ما بمكّة ولا بالمدينة عشرون رجلاً يحبّنا » (١)!!
ج٥ : لم نر أي خبر ينقل : أنّ فعل الإمام الحسن عليهالسلام لو كان كفعل الإمام الحسين عليهالسلام من حيث إعلان الثورة ، سيكون وصمة عار ، إنّ لكُلّ زمان ظروف ، وأنّه لولا صلح الإمام الحسن عليهالسلام لما تمهّدت الأرضية أمام الحسين عليهالسلام للثورة.
ج٦ : القائل هو زهير بن القين ، والمراد من قوله : قتال هؤلاء ، قتال أصحاب الحرّ قبل مجيء جيش عمر بن سعد ، وأجابه الإمام الحسين عليهالسلام بقوله : « فإنّي أكره أن أبدأهم بقتال » (٢).
ج٧ : ذكر الإمام الحسين عليهالسلام خيارين لعمر بن سعد بدلاً من قتاله وهما : دعوني أرجع إلى المكان الذي أقبلت منه ، أو أذهب في هذه الأرض العريضة.
فأرسل عمر رسالة إلى عبيد الله بن زياد يذكر له ذلك ، لكن ابن زياد أجابه برسالة أرسلها بيد شمر بن ذي الجوشن : « إنّي لم أبعثك إلى الحسين
__________________
١ ـ الغارات ٢ / ٥٧٣ ، شرح نهج البلاغة ٤ / ١٠٤.
٢ ـ الأخبار الطوال : ٢٥٢.