الأفعال. فإنّه يجوز أن يكلّفنا الصلاة بشرط أن يكون قد تكلّفنا الطهارة ، كما في الزكاة والحجّ *.
__________________
بأنّه مع خروجه عن المصطلح خال عن الوجه ، تعليلا بأنّ المراد بالمقدّمة هاهنا ما يكون من مقولة فعل المكلّف ، وليس شيء منه يكون علّة تامّة للخطاب لكثرة ما في كلّ فعل يكون سببا عندهم من القيود والشرائط الّتي لا يكون الشيء علّة تامّة إلاّ مع انضمامها إليه.
وهو كما ترى بعد ملاحظة قوله : « إلاّ أن يمنع مانع » وارد على خلاف التحقيق ، إذ العلّة التامّة ما لا يجامع منع المانع والّذي يجامعه إنّما هو السبب بالمعنى المصطلح.
ولو اريد بإطلاقه عليها اندراجها فيما اطلق عليه فلا خروج فيه عن المصطلح ، لأنّ السبب عندهم عبارة عمّا يعمّها والمقتضي كما يفصح عنه تعريفه بما يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته.
نعم يبقى الكلام معه حينئذ في أنّ هذا المعنى العامّ باعتبار أحد فرديه لا مصداق له في أفعال المكلّف ، وهو مع أنّه مشترك الورود عليه وعلى غيره ممّن عممّ المقدّمة في المقام بالنسبة إلى السبب وغيره مناقشة في غير محلّها ، إذ الكلام مبنيّ على الفرض وفرض المحال على تقدير تسليمه ليس بمحال ، فلو فرض في أفعال المكلّف ما يكون بنفسه علّة تامّة للحكم أو موضوعه فلا إشكال في اندراجه في العنوان ودخوله في التعريف ، فتكون من موضع النزاع في أحد تقديريها وخارجا عنها في تقديرها الآخر كما لا يخفى.
* وأنت خبير بوهن هذا الكلام ، فإنّ مجرّد الجواز العقلي لا يوجب اشتباه المقدّمة بين كونها وجوديّة أو وجوبيّة ، ولا تردّد الأمر بين كونه مطلقا أو مشروطا ، إذ ما يكون من المقدّمات مقدورا للمكلّف فهو بحسب الشرع إمّا مقدّمة وجوديّة صرفة كالطهارة للصلاة ، أو وجوبيّة صرفة كاستطاعة الحجّ ونصاب الزكاة ، وما يكون متردّدا بينهما لا مورد له إلاّ في فرض نادر ، كما لو فرض في إقامة المسافر للصوم الواجب بدعوى تردّدها بين كونها شرطا للوجود أو شرطا للوجوب والفروض النادرة لا تزاحم القواعد الكلّيّة المبنيّة على الغالب.
ولا ريب أنّ كلام من أطلق في العنوان بوجوب ما لا يتمّ الشيء إلاّ به ناظرا إلى الغالب ، مع أنّ له طريقا في الفروض النادرة أيضا إلى رفع الاشتباه وإلحاق المشتبه بما لا اشتباه فيه أصلا كما عرفت مرارا ، فلا وجه للتوقّف من هذه الجهة أصلا.